الحديث الصحيح بعده المسجل بلعن فاعل ذلك، والسبب في ذلك أن البناء على قبر النبي مدعاة للإقبال عليه والتضرع إليه، ففيه فتح لباب الشرك، وتوسل إليه بأقرب وسيلة... (1).
يلاحظ عليه: أن القرآن هو الحجة الكبرى للمسلمين، وفيه تبيان لكل شئ، وهو المهيمن على الكتب، فإذا دل القرآن على جوازه فما قيمة الخبر الواحد الذي روي في هذا المجال إذا كان مضادا للوحي، ومخالفا لصريح الكتاب، وإن كانت السنة المحمدية الواقعية لا تختلف عنه قيد شعرة، إنما الكلام في الرواية التي رواها زيد عن عمرو حتى ينتهي إلى النبي، فإن مثله خاضع للنقاش، ومرفوض إذا خالف الكتاب، لكن ما ذكره يعرب عن أن الأساس عنده هو الحديث لا الذكر الحكيم.
وكان عليه بعد تسليم دلالة القرآن أن يبحث في سند الحديث ودلالته، وأن الحديث على فرض الصحة ناظر إلى ما كان القبر مسجودا له، أو مسجودا عليه أو قبلة، ومن المعلوم أن المسلمين لا يسجدون إلا لله، ولا يسجدون إلا على ما صح السجود عليه، ولا يستقبلون إلا القبلة، وسيتضح نص محققي الحديث، على أن المراد هو ذلك، فانتظر.
وأعجب منه ما في ذيل كلامه: من أنه رأى التوسل بالنبي شركا، مع أن النصوص الصحيحة في الصحاح تدل على جوازه، فقد توسل الصحابي الضرير بالنبي الأكرم حسب تعليمه وقال: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى (2).