على بابه قول المسلمين، والذي يدل على ذلك أمران:
الأول: أن اتخاذ المسجد دليل على أن القائل كان موحدا مسلما غير مشرك، فأي صلة للمشرك ببناء مسجد على باب الكهف، وإذا كان المشركون يهتمون بعمارة المسجد الحرام فلأجل أنه أنيط بالبيت كيانهم وعظمتهم في الأوساط العربية، بحيث كان التخلي عنها مساوقا لسقوطهم عن أعين العرب في الجزيرة كتكريمهم البيت الحرام.
أفبعد اتفاق أكابر المفسرين هل يصح لباحث أن يشك في أن القائلين ببناء المسجد على قبورهم كانوا هم المسلمين الموحدين؟!
الثاني: ما رواه الطبري في تفسير قوله: {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة} (1) قال: إن المبعوث دخل المدينة فجعل يمشي بين سوقها فيسمع أناسا كثيرا يحلفون باسم عيسى بن مريم، فزاده فزعا ورأى أنه حيران، فقام مسندا ظهره إلى جدار من جدران المدينة ويقول في نفسه: أما عشية أمس فليس على الأرض إنسان يذكر عيسى بن مريم إلا قتل، أما الغداة فأسمعهم وكل إنسان يذكر أمر عيسى لا يخاف!! ثم قال في نفسه: لعل هذه ليست بالمدينة التي أعرف (2).
وهذا يعرب عن أن الأكثرية الساحقة كانت موحدة مؤمنة متدينة بشريعة المسيح، رغم كونهم على ضده قبل ثلاثمائة سنة.
وقال في تفسير قوله تعالى: {فقالوا ابنوا عليهم بنيانا} (3) فقال الذين أعثرناهم على أصحاب الكهف: {ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم} يقول: رب الفتية أعلم بشأنهم، وقوله: {قال الذين غلبوا على أمرهم} يقول جل ثناؤه: