وقد اتفقوا على صحة الحديث، حتى أن ابن تيمية - مثير هذه الشكوك - اعترف بصحته وقال: وقد روى الترمذي حديثا صحيحا عن النبي أنه علم رجلا يدعو فيقول:...، وقد أوردنا نصوص القوم في بحث " التوسل " (1).
ومن زعم أن هذه التوسلات أساس الشرك، فلينظر إلى المسلمين طيلة أربعة عشر قرنا، فإنهم ما برحوا يتوسلون بالنبي (صلى الله عليه وآله)، وما عدلوا عن سبيل التوحيد قيد شعرة.
إن إنشاء البناء على قبر نبي التوحيد تأكيد على مبدأ التوحيد ورسالته العالمية التي يشكل أصلها الأول قوله سبحانه: {أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} (2).
وقد خرجنا عن هذه الدراسة بالنتيجتين التاليتين:
1 - جواز البناء على قبور الأولياء والصالحين ودعاة التوحيد فضلا عن النبي، وما ذلك إلا أن القرآن ذكر ذلك من دون أن يغمض فيه، وليس القرآن كتابا قصصيا ولا مسرحيا للتمثيل، بل هو كتاب هداية ونور، فإن نقل شيئا ولم يغمض عليه فهو دليل على أنه محمود عنده.
نرى أنه سبحانه يحكي كيفية غرق فرعون ويقول: {حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} (3).
ولما كانت تلك الفكرة باطلة عنده سبحانه، أراد إيقاف المؤمنين على أن الإيمان في هذا الظرف غير مفيد، فلأجل ذلك عقب عليه بقوله: {أالآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين} (4).