أما الأول، فمثل قوله: {وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم} (1) وغيرها كسورة آل عمران (2)، أي ليس من شأن الله سبحانه وهو العادل الرؤوف أن يضيع إيمانكم.
وأما الثاني، فمثل قوله: {ما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا} (3)، أي لا يمكن لنفس أن تموت بدون إذنه سبحانه.
فيكون معنى الآيتين بناء على الاستعمال الأول: هو ليس من شأن الله تعالى أن يعذب الناس أو يهلكهم قبل أن يبعث إليهم رسولا.
وعلى الاستعمال الثاني: هو ليس من الممكن أن يعذب الله الناس أو يهلكهم قبل أن يبعث إليهم رسولا.
وعلى كل تقدير، فدلالة الآيتين على الإباحة واضحة، إذ ليست لبعث الرسل خصوصية وموضوعية، ولو أنيط جواز العذاب ببعثهم فإنما هو لأجل كونهم وسائط للبيان والإبلاغ، والملاك هو عدم جواز التعذيب بلا بيان وإبلاغ، وأن التعذيب بلا بيان وإبلاغ ليس من شأنه سبحانه، أو أنه ليس أمرا ممكنا حسب حكمته.
5 - قال سبحانه: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها منذرون} (4).
فإن هذه الآية مشعرة بأن الهلاك كان بعد الإنذار والتخويف، وأن اشتراط الإنذار كناية عن البيان وإتمام الحجة.
6 - قوله سبحانه: {ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا لولا أرسلت