5 - حكى ابن وضاح قال: ثوب المؤذن بالمدينة في زمان مالك. فأرسل إليه مالك فجاءه، فقال له مالك: ما هذا الذي تفعل؟ فقال: أردت أن يعرف الناس طلوع الفجر فيقوموا. فقال له مالك: لا تفعل، لا تحدث في بلدنا شيئا لم يكن فيه، قد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذا البلد عشر سنين وأبو بكر وعمر وعثمان فلم يفعلوا هذا، فلا تحدث في بلدنا ما لم يكن فيه، فكف المؤذن عن ذلك وأقام زمانا، ثم إنه تنحنح في المنارة عند طلوع الفجر، فأرسل إليه مالك، فقال له: ما الذي تفعل؟ قال:
أردت أن يعرف الناس طلوع الفجر، فقال له: ألم أنهك أن لا تحدث عندنا ما لم يكن؟
فقال: إنما نهيتني عن التثويب. فقال له: لا تفعل. فكف زمانا. ثم جعل يضرب الأبواب، فأرسل إليه مالك.
فقال: ما هذا الذي تفعل؟ فقال: أردت أن يعرف الناس طلوع الفجر، فقال له مالك: لا تفعل، لا تحدث في بلدنا ما لم يكن فيه (1).
ومراده من التثويب هو ما يقوله المؤذن بين الأذان والإقامة " قد قامت الصلاة " أو " حي على الصلاة " أو " حي على الفلاح " أو قوله " الصلاة يرحمكم الله ".
والعجب أن الشاطبي مع إمامته في الفقه ربما يتأثر أحيانا بهذه الكلمات فيقول: فتأمل كيف منع مالك من إحداث أمر يخف شأنه عند الناظر فيه ببادي الرأي، وجعله أمرا محدثا، وقد قال في التثويب أنه ضلال وأنه بين، لأن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، ولم يسامح المؤذن في التنحنح ولا في ضرب الأبواب، لأن ذلك جدير بأن يتخذ سنة، كما منع من وضع رداء عبد الرحمن بن مهدي خوفا من أن يكون حدثا أحدثه.