الضعفاء العجزة يجب أن يفنوا، هذا أول مبدأ من مبادئ حبنا للإنسانية، ويجب أيضا أن يساعدوا على هذا الفناء. (1) وعلى ضوء ما ذهب إليه نيتشه فالمفاهيم الإنسانية كالمساواة والعدالة والإيثار كلها مفاهيم تحول دون وصول الإنسان إلى القوة حتى مساواة المرأة بالرجل، فكان يعتقد أن المرء هو الموجود الأقوى والمرأة خلقت لخدمة الرجل فحسب، وقد استلهم منهجه هذا عن " شارل دارون " الذي طرح نظرية تطور الأنواع على أصول أهمها:
نشوء التنازع بين أفراد نوع واحد أولا، والبقاء للأصلح والأقوى ثانيا، فزعم أن هذا أصل في الحيوان والإنسان على حد سواء، فكأن عالم الطبيعة يغربل ما فيه من الأصناف والأنواع ويزيح الضعيف عن حلبة الوجود ويبقي القوي المقتدر، وهكذا الحال في المجتمعات الإنسانية فهي تحاول دائما حذف الضعيف وإبقاء القوي.
يقول نيتشه: إن إرادة الحياة أسمى الإرادة وأقواها، ولا تعبر عن نفسها في التنازع التعس من أجل البقاء بل في إرادة القتال، إرادة القوة والسيطرة. (2) ثم يضيف بأن الحب والإحسان ونظائرهما التي يبذلها الآباء للأبناء تحول بين الإنسان وتكامله، لأن هذه الأعمال تحافظ على وجود الضعفاء وعدم حذفهم من المجتمعات، فما دعا إليه سقراط الحكيم من العفة والعدالة والحب، بل ما دعا إليه سيدنا المسيح من الحب والعشق كلها تصد عن ظهور الإنسان الكامل في المجتمع. (3)