الحكمة العملية هو الإنشاء أي فليعدل، أو ليجتنب عن الظلم، إلى غير ذلك من المسائل التي يجب على الإنسان القيام بها في حياته العملية كالأخلاق. واستنباط الإنشاء من الأخبار أمر غير ميسور، وهذا هو الذي رفع به عقيرته " ديفيد هيوم " وآثار ضجة صاخبة في المحافل العلمية في أوربا، وقد ذكرنا في صدر البحث أن للمسألة جذورا في تاريخ الفلسفة الإسلامية، فهذا هو الشيخ الرئيس، يقول:
فمن قواها مالها بحسب حاجتها إلى تدبير البدن، وهي القوة التي تختص باسم العقل العملي، وهي التي تستنبط الواجب فيما يجب أن يفعل من الأمور الإنسانية جزئية ليتوصل به إلى أغراض اختيارية من مقدمات أولية وذائعة وتجريبية، باستعانة بالعقل النظري في الرأي الكلي إلى أن ينتقل به إلى الجزئي. (1) إن عبارة الشيخ صريحة في أن العقل العملي يستعين بالعقل النظري في الرأي الكلي إلى أن ينتقل إلى الجزئي، وهذا دليل على أنهم كانوا غير غافلين عن تبيين الصلة بين الحكمتين.
إذا عرفت ذلك فلنطرح رؤوس الآراء التي تتبنى بيان وجود الصلة وعدمها بين الحكمتين، وهي تدور على محاور أربعة:
أ. الحكمة العملية تنبثق من الحكمة النظرية.
ب. انقطاع الصلة بين الحكمتين.
ج. يجب أن لا يكون بين الحكمتين أي تصادم.
د. وجود الصلة بين الحكمتين لا على نحو العلة التامة.
وسيوافيك الفرق بين المحور الثالث والأول، وإليك شرح تلك المحاور: