وهو أنه يثبت العلم والحكمة بقدر ما يكون أثرهما موجودا في الموجودات وهو بالآخرة محدود بمحدودية الموجودات، والمطلوب هو إثبات غير المحدود من العلم له تعالى. اللهم إلا أن يقال: إن النظر إلى الدقائق والحكم المودعة في النظام يوجب الحدس القطعي على أن هذه آثار من لا نهاية لعلمه وحكمته. ثم إن مقتضى الدليل الأول أزلية علمه بتبع أزلية صرفيته. وأما الدليل الثاني فلا يدل عليه إلا ببيان زائد، وهو كما قال آية الله الميرزا أحمد الآشتياني - قدس سره -: إن ملاحظة الحكم والدقائق المودعة في النظام تثبت علمه تعالى بالأشياء الموجودة قبل وجودها وحيث أن التغيير في ذاته وصفاته غير معقول، لأنه في قوة النقص والعجز فعلمه بها قبل وجودها كان من الأزل (1).
ويدل عليه أيضا إنا نجد أنفسنا عالمين بذاتنا علما حضوريا وهذا العلم ينتهي إلى الله تعالى، لأنه عطاء من ناحيته كأصل وجودنا، ومعطي الشئ لا يكون فاقدا له، فهو تعالى عالم بذاته، وحيث كان الله تعالى علة لكل شئ فالعلم بذاته بما هو عليه علم بكونه مبدأ ولكونه علة لجميع معلولاته، ومن المعلوم أن العلم بحيثية المبدئية للعلية المتحدة مع ذاته لا ينفك عن العلم بمعلولاته (2).
وهنا وجه آخر مذكور في محله (3).
هذا كله بالنسبة إلى علمه في مرتبة الذات.
وله علم آخر في مرحلة الفعل وهو عين الفعل، إذ حقيقة العلم هو كشف