- مضافا إلى النظم والتناسب الموجود فيه - أنه تحت تدبير شاعر حكيم بحيث يهدي كل موجود إلى وظائفه بالهداية التكوينية والغريزية، فالنحل والنمل وغيرهما من الحيوانات البرية والبحرية تعرف وظائفها من بناء محلها ومسكنها وذهابها إلى مواطن ارتزاقها وإيابها إلى مأواها وغير ذلك مما يطول الكلام، وهذه الوظائف دقيقة جدا بحيث إذا تأملناها نجدها عجيبة جدا، يكفيك كيفية ارتزاق النحل عن الزهر وعودها إلى محلها وتبنية المسدسات، حتى تملأها بالعسل، وكيفية تنظيم اجتماعاتها بالمقررات اللازمة وغيرها، فهذه الأمور كلها تحت تدبير وهداية ومن وراء ذلك هو تدبير أمورها على نحو يحصل للإنسان ما يلزمه في تعيشه وحياته، وهذا المدد غير المرئي على الدوام لا يختص بالحيوانات، بل يهدي كل شئ إلى وظائفه، كما أشار إليه في القرآن الكريم قال: " ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى " (1) " والذي قدر فهدى " (2) " ثم استوى على العرش يدبر الأمر " (3).
وهكذا الفعل والانفعال الحاصل في بدن الإنسان يهتدي بهذه الهداية، وعليك بالتأمل حول دفاع البدن نحو الجراثيم والميكروبات الخارجية المهاجمة التي أرادت تخريب البدن، وغير ذلك من الأمور العجيبة جدا.
هذا مضافا إلى ما رأيناه في أمورنا من مبدأ الولادة إلى آخر عمرنا من التدبيرات الخفية التي يجدها كل أحد في تعيشه الشخصية لو تأمل حولها حق التأمل من تقدير الرزق وتهيئة أسبابه وتقدير الأزواج وتهيئة مقدماته وبعض المنامات وغير ذلك من الأمور كامداد الحق وابطال الباطل طيلة التاريخ.
ثم إن التدبير والهداية سيما إذا كان مستمرا وشايعا ليس إلا أثر الشاعر العالم فالعالم تحت تدبير عالم شاعر وحيث إن ذلك أثر عظيم فلا يسانخ إلا