وشرط ولا يصح عليه اللذة والألم ولا ينفعل عن شئ ولا يكون له كفؤ ولا شريك وليس بمحتاج إلى غيره لا في ذاته ولا في صفاته ولا يفعل القبيح ولا يظلم، وغير ذلك من الأمور التي لا تليق بجنابه تعالى.
والدليل الإجمالي على تنزيهه تعالى عنها، هو ما عرفت من أن المبدأ المتعال واجب الوجود ولا حد ولا نقص ولا حاجة له، بل هو عين الغنى والكمال، وكل هذه الصفات من التركيب وغيره نقص وحد وحاجة وعجز لا سبيل لها إليه تعالى، وتكون مسلوبة عنه، ونفيها عنه تجليل له تعالى، ولذا سميت هذه السوالب بالصفات الجلالية، كما أن الصفات الثبوتية الذاتية الدالة على كمال الذات تسمى بالصفات الكمالية.
ثم إن هذه الصفات ترجع بعضها إلى بعض، أو يكون بعضها من لوازم البعض كالعلم والقدرة بالنسبة إلى الحياة، إذ وجودهما بدونها غير ممكن، لأنهما من آثارها ولذا تعرف الحياة بهما، ويقال: إن الحي هو الدراك الفعال، فإذا ثبت العلم والقدرة ثبتت الحياة قهرا ولا حاجة في اثباتها إلى دليل آخر وكالمدرك والسميع والبصير، فإنها ترجع إلى العلم بعد استحالة حاجته إلى الآلات والحواس، فإدراكه تعالى بالنسبة إلى المدركات المحسوسة هو علمه بها ولا مجال لتأثر الحاسة فيه تعالى، وعليه فمعنى كونه سميعا أو بصيرا أنه عالم بالمسموعات أو عالم بالمبصرات، ولعل ذكر ذلك بالخصوص لإثبات علمه تعالى بالجزئيات. وأيضا يرجع كونه قديما، أزليا، باقيا وأبديا، إلى أنه واجب الوجود فإنها من اللوازم البديهية لوجوب وجوده تعالى، إذ يستحيل العدم السابق واللاحق عليه بعد فرض كون وجوده واجبا، وأيضا ترجع الإرادة والكراهة الذاتيتين إلى علمه تعالى بما في الفعل من المصالح والمفاسد على المشهور.
وأما على غير المشهور فهما بمعناهما بعد تجريدهما عما لا يناسب ذاته تعالى من التروي والتأمل وطرو نقصه، وغير ذلك من الحلقات. كما أن الإرادة قد تطلق