الشئ يستحيل أن يكون فاقدا له كما لا يخفى.
هذا مضافا إلى أن مشاهدة آثاره وتدبيره في النظام، والاختلاف المشاهد في هبة الولد أو المال ونحوهما لفرد دون فرد مع أنهما متعاكسان في القابلية والاستعداد وهكذا في طول العمر والامكانيات وغير ذلك من الأمور يحكي عن كون أزمة الأمور طرا بيده وقدرته وأنه يفعل ما يشاء.
ثم إن تقريب أزلية القدرة كالتقريب الماضي في أزلية العلم فلا نعيد.
ثم إن مقتضى اشتمال القدرة على العلم والشعور بما في الفعل أو الترك، ومبدئيتهما هو عدم انفكاك القدرة عن الاختيار، إذ ترجيح أحد الطرفين من الفعل أو الترك لا يمكن بدون الاختيار والإرادة، ولذلك نبحث عن الاختيار والإرادة فيما يلي:
وأما الاختيار فهو بمعنى الترجيح في أحد الطرفين من الفعل أو الترك وإرادته مع العلم بما فيها وهو في أفعالنا موقوف على التأمل حول الفعل أو الترك، حتى يحصل العلم بوجود المصلحة وارتفاع المفسدة فيه، وربما يحتاج إلى مضي زمان ومدة، كما إذا كان التأمل نظريا، فالاختيار ربما يتأخر في مثلنا عن القدرة، ولكن فيه تعالى حيث كان العلم بوجود المصلحة وارتفاع المفسدة حاصلا ومقارنا مع قدرته من دون حاجة إلى روية أو تأمل، فلا يتأخر عن القدرة بحسب الزمان. نعم لو كان الراجح أمرا زمانيا مختصا بزمان خاص، لا يتحقق الراجح إلا في ظرف زمانه، لأنه راجح فيه دون غيره، ولكن اختياره وإرادته تعالى إياه من الأزل، وليس بحادث.
وكيف كان فالدليل عليه واضح مما مر، حيث إن فقدان الاختيار بالمعنى المذكور يرجع إلى صدور الفعل أو الترك عنه بلا دخل له تعالى فيه، كالقوى الطبيعية، بل ينتهي إلى سلب صدق القدرة عليه، لأن القوى الطبيعية العاملة العادمة للشعور والعلم المؤثر، لا تسمى قادرة. ففقدان الاختيار نقص وهو