اليمامة ذلك، فسألوا مسيلمة لما قل ماء بئرهم ذلك، فتفل فيها فذهب الماء أجمع، ولما نزل قوله تعالى: " وأنذر عشيرتك الأقربين " قال لعلي - عليه السلام -:
شق فخذ شاة، وجئني بعس من لبن، وادع لي من بني أبيك بني هاشم، ففعل علي - عليه السلام - ذلك، ودعاهم. وكانوا أربعين رجلا فأكلوا حتى شبعوا، ما يرى فيه إلا أثر أصابعهم، وشربوا من العس حتى اكتفوا واللبن على حاله، فلما أراد أن يدعوهم إلى الإسلام، قال أبو لهب: كاد ما سحركم محمد، فقاموا قبل أن يدعوهم إلى الله تعالى، فقال لعلي - عليه السلام -: افعل مثل ما فعلت، ففعل في اليوم الثاني كالأول، فلما أراد أن يدعوهم عاد أبو لهب إلى كلامه، فقال لعلي - عليه السلام -: افعل مثل ما فعلت، ففعل مثله في اليوم الثالث، فبايع عليا - عليه السلام - على الخلافة بعده ومتابعته.
وذبح له جابر بن عبد الله عناقا يوم الخندق، وخبز له صاع شعير، ثم دعاه - عليه السلام - فقال: أنا وأصحابي؟ فقال: نعم، ثم جاء إلى امرأته وأخبرها بذلك، فقالت له: أأنت قلت امض وأصحابك؟ فقال: لا، بل هو لما قال: أن وأصحابي قلت: نعم، فقالت: هو أعرف بما قال، فلما جاء - عليه السلام - قال:
ما عندكم؟ قال جابر: ما عندنا إلا عناق في التنور وصاع من شعير خبزناه، فقال - عليه السلام -: أقعد أصحابي عشرة عشرة، ففعل فأكلوا كلهم.
وسبح الحصا في يده - عليه السلام - وشهد الذئب له بالرسالة، فإن اهبان ابن أوس (1) كان يرعى غنما له فجاء ذئب فأخذ شاة منها فسعى نحوه، فقال له الذئب: أتعجب من أخذي شاة، هذا محمد يدعو إلى الحق فلا تجيبونه فجاء إلى النبي وأسلم، وكان يدعى مكلم الذئب.
وتفل في عين علي - صلى الله عليه وآله - لما رمدت فلم ترمد بعد ذلك أبدا،