الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق:
فمنهم العلامة الواعظ جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد المشتهر بابن الجوزي القرشي التميمي البكري البغدادي المتوفى سنة 597 في كتابه " الحدائق " (ج 1 ص 389 ط بيروت سنة 1408) قال:
أخبرنا أبو بكر الصوفي، قال: أخبرنا أبو سعد بن أبي صادق، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن باكويه، قال: حدثنا عبد الله بن فهد، قال: حدثنا فهد بن إبراهيم الساجي، قال: حدثنا محمد بن زكريا بن دينار، قال: حدثنا العباس، عن بكار، قال: حدثنا عبد الواحد بن أبي عمرو الأسدي، عن الكلبي، عن أبي صالح، قال:
قال معاوية بن أبي سفيان لضرار بن ضمرة: صف لي عليا، فقال: أو تعفيني، قال:
بل تصفه، فقال: أو تعفيني، قال: لا أعفيك، قال: أما إذ لا بد، فإنه كان بعيد الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير الرفعة، طويل الفكرة، يقلب كفه ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب، كان والله كأحدنا يجيبنا إذا سألناه، ويبتدئنا إذا أتيناه ويأتينا إذا دعوناه، ونحن والله مع تقريبه لنا، وقربه منا لا نكلمه هيبة ولا تبتدئه لعظمه، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظم أهل الدين ويحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله.
فأشهد بالله رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سجوفه، وغارت نجومه، وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يمتلمل تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين فكأني أسمعه وهو يقول: يا دنيا يا دنيا أبي تعرضت، أم بي تشوفت، هيهات هيهات، غري غيري قد بنتك ثلاثا لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير، وعيشك حقير، وخطرك كبير، آه من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق. قال: فذرفت