وقال الشوكاني في " وبل الغمام على شفاء الأوام ": لا شك ولا شبهه أن الحق بيده في جميع مواطنه، أما طلحه والزبير ومن معهما فلأنهم قد كانوا بايعوه فنكثوا بيعته بغيا عليه وخرجوا في جيوش من المسلمين فوجب عليه قتالهم، وأما قتاله للخوارج فلا ريب في ذلك، والأحاديث المتواترة قد دلت على أنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، وأما أهل صفين فبغيهم ظاهر، ولو لم يكن في ذلك إلا قوله صلى الله عليه وسلم لعمار: تقتلك الفئة الباغية لكان ذلك مفيدا للمطلوب، ثم ليس معاوية ممن يصلح لمعارضة علي ولكنه أراد طلب الرياسة والدنيا بين أقوام أغنام لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فخادعهم بأنه طالب بدم عثمان فنفق ذلك عليهم وبذلوا بين يديه دماءهم وأموالهم ونصحوا له، حتى كان يقول علي لأهل العراق أنه يود أن يصرف العشرة منهم بواحد من أهل الشام صرف الدراهم بالدينار، وليس العجب من مثل عوام الشام إنما العجب ممن له بصيرة ودين كبعض الصحابة المائلين إليه وبعض فضلاء التابعين، فليت شعري أي أمر اشتبه عليهم في ذلك الأمر حتى نصروا المبطلين وخذلوا المحقين، وقد سمعوا قول الله تعالى: (فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله) وسمعوا الأحاديث المتواترة في تحريم عصيان الأئمة ما لم يروا كفرا بواحا وسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمار أنها تقتله الفتة الباغية، ولولا عظيم قدر الصحبة ورفيع فضل خير القرون لقلت: حب المال والشرف قد فتن سلف هذه الأمة كما فتن خلفها، اللهم غفرا. إنتهى كلامه رحمه الله.
ومنهم العلامة الشيخ حافظ بن أحمد حكمي في " معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول " في التوحيد (ج 2 ص 475 ط دار الكتب العلمية - بيروت) قال:
وأما علي رضي الله عنه فكان مجتهدا مصيبا وفالجا محقا يريد جمع كلمة الأمة حتى إذا كانوا جماعة وخمدت الفتن وطفئت نارها أخذ بالحق من قتلة عثمان،