نور الأفهام في علم الكلام - السيد حسن الحسيني اللواساني - ج ١ - الصفحة ١٩٠
لكنه مختلف مراتبه * يحظى بنيل منتهاها طالبه وربما يبلغ حدا لو كشف * عنه الغطا فحاله لم يختلف فيا بني دونك المجاهدة * فعلما تحظى بتلك الفائدة فإن من جاهد في الله ولا * يغش نفسه هداه السبلا
____________________
ثم إن اليقين به تعالى وإن عم الجميع كما عرفت «لكنه مختلف مراتبه» شدة وضعفا، ولا «يحظى» ولا يسعد «بنيل» أقصى تلك المراتب وبلوغ «منتهاها» إلا من هو «طالبه» بالجد وبذل الجهد في ذلك، حتى يترقى من علم اليقين إلى عين اليقين، ومنه إلى حق اليقين بعون منه جل وعلا كما قال سبحانه: ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا﴾ (1). «وربما يبلغ» المجاهد في ذلك «حدا» من اليقين بربه تعالى وصدق وعده ووعيده بما «لو كشف» له الواقع وزال «عنه الغطاء» الجسماني.
«فحاله لم يختلف» ويقينه لا يزيد بعد الشهود بالعين الباصرة، وذلك لبلوغه نهاية مراتب القطع والعلم به تعالى، كما قال مولى الموالي أمير المؤمنين (عليه السلام): " لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا " (2).
«فيا بني دونك» أي: خذ سبيل «المجاهدة» بمخالفة النفس الأمارة، وبالإعراض عن شهواتها «فعلما تحظى» وتسعد «بتلك الفائدة» العظيمة، وترقى إلى تلك الدرجة السامية.
«فإن من جاهد» النفس «في» سبيل «الله» خالصا مخلصا له سبحانه «ولا يغش نفسه» بالأوهام الفارغة كالرياء والعجب والسمعة وسائر آفات القلب، أعانه ربه و «هداه السبلا».
وذلك هو الجهاد الأكبر على ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأشير إليه في الآية

(١) العنكبوت: ٦٩.
(2) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 1: 317.
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست