إلى أن يردا عليه الحوض. (1) وأما الثالث: وهو كون القرآن تاليا بمعنى التلاوة، فلا مجال له، لأنه بهذا المعنى متلو لا تال.
وأما الرابع: وهو أن القرآن تال أي تابع فمع رجوع الضمير المنسوب إلى الموصول لا مجال له كما هو ظاهر، ومع رجوعه إلى (بينة) ففاسد لفظا ومعنى.
أما لفظا فقد ظهر. وأما معنى فلأن المراد بالبينة حينئذ البصيرة العقلية، لا القرآن، وإلا لزم أن يتحد التالي والشاهد والمشهود به، والبصيرة العقلية ليس من قبلها كتاب موسى وإنما ثبتت القبلية بالنسبة إلى نفس المؤمنين، لا على بصائرهم، ولو رجع ضمير من قبله حينئذ إلى الموصول للزم التفكيك بين الضميرين، وأن يكون التالي بالنسبة إلى شئ، والمتقدم بالنسبة إلى شئ آخر، وهو تعسف ركيك لا يليق به كلام البلغاء، بل من له أدنى مرتبة في البلاغة، فضلا عن كلام الخالق تعالى شأنه.
ثم إن إرجاع الضمير المذكر إلى بينة في أغلب الصور المذكورة خلاف الظاهر، لا يرتكب إلا مع قيام دليل عليه.
ومما بيناه تبين أن الصلة الثانية كما لا تنطبق على المؤمنين من الأصحاب، كذلك لا تنطبق على كل محق يدين بحجة وبينة، لأن المراد من الشاهد حينئذ إما الكتاب أو النبي، فيرد جميع ما أوردناه على التفسير الثاني، وكيف كان فقد اتضح لك غاية الاتضاح أن المعنى بالموصول ليس إلا نبينا صلى الله عليه وآله وسلم.