بصيغة الأمر، لأن صيغة الأمر تحتمل الحمل على الندب مع قطع النظر عن خصوصية المورد، وأما حصر الهداية وعدم الضلالة في التمسك بهما المستفاد من التعبير المذكور فصريح في وجوب التمسك بهما، ولا يتطرق إليه احتمال الندب، ضرورة أن التمسك بسبيل الهداية والتحرز عن طريق الضلالة واجب عقلا، فذكر الموضوع هنا يغني عن بيان حكمه، لكمال وضوحه وظهوره، مع أن التمسك بالكتاب واجب بالضرورة، ولا مجال للتفكيك بينه وبين العترة التي قرنها به وعبر عنهما بالثقلين اللذين تركهما فيهم، وجعلهما حبلين تتمسك الأمة بهما، صونا عن أن يضلوا بجعل التمسك بأحدهما واجبا دون الآخر.
فإن قلت: العترة ليس نصا في أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمجيئه بمعنى الرهط والطائفة، ومنه قول أبي بكر: نحن عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي خرج منها، وبيضته التي تفقأت عنه. (1) قلت أولا: إن العترة لم يجئ بمعنى مطلق الرهط، وإنما جاء بمعنى ذرية الشخص وأهله.
وفي المصباح المنير: العترة نسل الإنسان. قال الأزهري، وروى ثعلب عن ابن الأعرابي: إن العترة ولد الرجل، وذريته، وعقبه من صلبه، ولا تعرف العرب من العترة غير ذلك، ويقال رهطه الأدنون - وإن ذكر بعد ذلك - ويقال إنه والرهط بمعنى، ومنه قول أبي بكر إلخ. (2) إلا أن التحقيق أن قول أبي بكر من باب التجوز، كما قال ابن أبي الحديد.