إذ لو لم يجعل الله تعالى له مترجما من عنده، مع تقسيم كتابه المجيد إلى الأقسام الثلاثة لزم الاخلال بالحكمة، حيث جعل كلامه الذي هو وسيلة الهداية موجبا للحيرة والضلالة، تعالى شأنه عن ذلك علوا كبيرا.
ولو لم يكن في الأمة من يدعي منزلتهم لم يحتج إلى ذلك، لأن بيان المقصد بالرمز والتشابه إنما هو للإخفاء عن غير أهله، فلو كانت الأمة مجتمعة على الطاعة والانقياد لهم، لم يكن في البين غير أهل، حتى يحتاج إلى الرمز والتشابه.
وقد ورد عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام أنه تعالى شأنه قسم كتابه إلى مجمل ومحكم ومتشابه، حتى يتميز المتولون على الخلافة عمن هو أهل للخلافة ويكون خليفة له. (1) وأما السادس: وهو انحصار الإمامة فيهم، فيعلم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " لن يفترقا " أيضا، لأن دلالته على احتياج غير العترة عن الأمة إليهم تنبئ عن عدم تطرق الخلافة والإمامة فيهم، وإلا لكان الإمام منهم مستغنيا كالعترة، وهو مناقض لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " لن يفترقا "، بل يدل عليه أيضا قوله: ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي " إذ لو كان فيهم إمام لوجب استثناؤه من المتمسكين، ضرورة أن الإمام لا يتمسك بغيره من الأمة.
وأما السابع: وهو انحصار الاهتداء في التمسك بهم، والرجوع إليهم فتدل عليه الفقرتان أيضا ظهورا وصراحة.
أما ظهورا فمن الفقرة الأولى، فإن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا " في مقام بيان أن سبيل الهداية ينحصر فيهما، ولا تكون الأمة مصونة