هذا إن أخذ الفعل من التلو كما هو الظاهر، وإن أخذ من التلاوة بإرجاع الضمير المنصوب إلى بينة على تأويلها بالقرآن، فهو دليل أيضا على خلافته عليه السلام عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، لأن المراد من تلاوة القرآن ليس مجرد قراءته، وإلا لم يكن لذكره في مقام إثبات رسالته صلى الله عليه وآله وسلم محل ومجال، فالمراد تلاوته على الناس في مقام إرشادهم وهدايتهم إلى دين الحق، كما أرشدهم وهداهم إليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
ومن الواضح: أن هذا شأن خليفته، وولي عهده، والقائم بأمره، ومنه يعلم أنه عليه السلام عالم بالكتاب ظاهره وباطنه، تنزيله وتأويله. وإلا لم يكن لتخصيص التلاوة به وجه، ولم يتمكن من الهداية التامة المستفادة من الآية الكريمة، إذ لو كان ناقصا في الهداية لم يحتج عز وجل به على إثبات رسالة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
وأما الرابع والخامس: فدلالتهما على المنقبة الفاضلة والإمامة صريحة غنية عن البيان وكأنه لإخراج دلالة الآية الكريمة على إمامة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام أخروهما في التأليف عن كتاب موسى ولم يعلموا أن الله تعالى أنزل القرآن على وجه بحيث يبقى دلالته على المطلوب للعلماء مع التغيير في تأليفه وهذا من جملة وجوه إعجاز القرآن المجيد.
ومما يبين أن قوله عز من قائل: (إماما ورحمة) حال عن شاهد منه، لا كتاب موسى، ما رواه في تفسير البرهان عن طريق العامة.
قال: أخبرنا أبو بكر بن مردويه قال: أخبرنا أبو بكر بن أحمد السري بن يحيى التميمي، حدثنا أبي، حدثنا عمي الحسين بن سعيد بن أبي الجهم، حدثنا أبي عن أبان بن تغلب، عن مسلم، قال: سمعت أبا ذر، والمقداد، وسلمان الفارسي قالوا: " كنا قعودا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولكن ما معنا غيرنا إذ