استغنائهم عن الجميع.
توضيحه: إن جميع الأمة محتاجون إلى العلم بما في كتاب الله، لأجل معرفة أحكامهم ووظائفهم، وفصل القضاء في خصوماتهم، ومعرفة حقوقهم، والحكم بالعدل فيهم، وإصلاح معاشهم، ومعادهم.
والكتاب المجيد مع وفائه بجميع ما يحتاجون إليه إذ لا رطب ولا يابس إلا فيه منه مجمل كفواتح السور، ومحكم كنصوص الآيات، ومتشابه يحتمل وجوها، وله ظهر وبطن وتنزيل وتأويل، ولبطنه أيضا بطن إلى سبعين بطنا، والمحكمات منه لا يستنبط منها إلا قليل من الأحكام ولا سبيل لأحد إلى تفسير المجمل والمتشابه وتأويله وبطونه إلا من اختاره الله تعالى ترجمانا له، وجعله مطلعا عليه، وقد أعلمهم صلى الله عليه وآله وسلم بقوله " لن يفترقا " إن المفسرين لكتابه المجيد، والعالمين بمجملاته ومحكماته ومتشابهاته وتأويله وتنزيله وظهره وبطنه، إنما هو العترة الهادية، وهم المترجمون الربانيون، فدل قوله صلى الله عليه وآله وسلم " لن يفترقا " على علم العترة بجميع ما في الكتاب، وإلا لافترقوا عنه، وعلى اختصاصهم (1) بالعلم به، وإلا افترق الكتاب عنهم، فعدم الافتراق من الجانبين يدل على علم العترة بجميع ما في الكتاب، وعدم وجود علم الكتاب عند غيرهم، فثبت استغناؤهم عن الكل لعلمهم بالكتاب كله واحتياج الجميع إليهم لانحصار سبيل العلم بما في الكتاب في المراجعة إليهم والتمسك بهم.
وأما الثالث: فيعلم من عدم افتراقهم عن الكتاب، وعدم تطرق