عن الضلالة ما لم يتمسك بهما، وظهوره في الحصر بمثابة يكون كالصراحة.
وأما تصريحا فمن الفقرة الثانية، إذ لو وجد علم الكتاب عند غيرهم، وحصل الاهتداء بالرجوع إلى من عداهم، لم يصدق عدم افتراق الكتاب عنهم.
وأما الثامن: فيظهر من الفقرة الأخيرة بضميمة قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " حتى يردا علي الحوض " إذ لو خلت الأرض منهم قبل ورودهم الحوض عليه صلى الله عليه وآله وسلم لافترق كل من الكتاب والعترة عن صاحبه، ولم يصدق قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " مع أنه يظهر من الفقرة الأولى التزاما أيضا، لأن ضم العترة إلى الكتاب في الصون عن الضلالة، إنما هو لحاجة الكتاب إلى ترجمان رباني في بيان مقاصده، كما هو ظاهر، ولا يكون ترجمانا له إلا العترة الهادية، لما عرفت من انحصار الاهتداء في التمسك بهم، فلو جاز خلو الأرض عنهم عليهم السلام حينا من الأحيان لزم انقطاع سبيل الهداية، ونقصان الدين بعد إكماله، ويستحيل على الحكيم أن لا يكمل دينه، وسبيل هدايته، أو يجعله ناقصا بعد إكماله، ولا ينافي ذلك غيبة إمامنا عجل الله تبارك وتعالى فرجه في عصرنا، لأنه ينتفع به عليه السلام في حال الغيبة، كما ينتفع بالشمس من وراء السحاب.
إذا اتضح لك ما بيناه، فقد ظهر لك أن حديث العترة من جوامع الكلم الذي قد جمع فيه فضائل العترة الطاهرة سلام الله عليهم.
فإن قلت: ليس في الروايات الأمر بالتمسك بهما، وإنما قال صلى الله عليه وآله وسلم:
" ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا " فأخبر الأمة أن في التمسك بهما، صونا عن الضلالة، ولم يأمرهم بالتمسك بهما.
قلت: التعبير بهذا النحو أتم وأكمل في إفادة الوجوب من التعبير