الأول: أنهما ليسا تاليين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وإنما هما معه صلى الله عليه وآله وسلم لانقطاع الوحي والحفظ بوفاته صلى الله عليه وآله وسلم.
والثاني: عدم صدق شاهد منه على منهما لما عرفت.
وإعادة الضمير المجرور على الرب تعالى حينئذ مخالفة للظاهر، ضرورة أن الظاهر من الكلام رجوع الضمير الثاني إلى ما رجع عليه الأول مع صلوحه له.
وأما تفسيره بالقرآن فمع تفسير الموصول بالمؤمنين من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد ظهر لك فساده.
وأما مع تفسير الموصول بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فأفسد، إذ أظهر بينة من ربه وأكملها وأتمها هو القرآن، الذي جعله الله تعالى معجزا ودليلا على صدقه، وتحدى به فصحاء العرب وبلغائهم.
فبينة من ربه إما تختص به كما زعمه بعض المفسرين، أو تعمه وغيره من المعجزات، فلا يمكن - والحال هذه - إرادة القرآن من شاهد يتلوه، مع أنه لا يصدق على القرآن أنه شاهد منه، إذ التعبير بكلمة " من " حينئذ إما بلحاظ أن تأليفه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بملاحظة تحقق النسبة والقرابة، وبطلان كلا الأمرين في غاية الوضوح.
وأما تفسيره بلسانه الشريف فهو فاسد من وجوه عديدة أيضا:
الأول: أن الظاهر من يتلوه بقرينة مقابلته مع قوله تعالى: (ومن قبله كتاب موسى) التلو لا التلاوة.
والثاني: أن التالي حينئذ نفس الرسول، لأن اللسان آلة التلاوة، فحق التعبير حينئذ أن يقال: أفمن كان على بينة من ربه، ويتلوه من دون ذكر شاهد منه.