الحسكاني، بإسناده عن ابن أبي عمير، في كتاب شواهد التنزيل، انتهى. (1) أقول: أما ما عن الحسن فلا يخالف ما في الروايات، غاية الأمر أنه لم يعين شأن النزول، إما لجهله بمحله، أو تقية من الناس، أو موافقة مع هو أهم، والظاهر أحد الأخيرين، بل الأخير كما يظهر من خبر العياشي، بإسناده عن زياد بن المنذر أبي الجارود صاحب الزيدية الجارودية، قال: كنت عند أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام بالأبطح، وهو يحدث الناس، فقام إليه رجل من أهل البصرة يقال له عثمان الأعشى، كان يروي عن الحسن البصري، فقال: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعلت فداك، إن الحسن البصري يحدثنا حديثا يزعم أن هذه الآية نزلت في رجل، ولا يخبرنا من الرجل:
" يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته " تفسيرها: أتخشى الناس، فالله يعصمك من الناس، فقال أبو جعفر عليه السلام:
ماله لا قضى الله دينه " انتهى ما أردناه. (2) وأما ما عن عائشة فبعيد عن الآية أبعد مما بين السماء والأرض، إذ لو كان الفرض ما ذكر لكان حق العبارة: يا أيها الناس بلغ الرسول ما أنزل إليه من ربه جميعا بصيغة الماضي ونحو ذلك، لا أمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بالتبليغ وإيعاده على تركه، ولعل نسبته إلى عائشة خطأ.
ثم إنه ينبغي التنبيه على بعض خصوصيات الآية الشريفة.
فأقول: عبر بالرسول دون النبي ونحوه، لأن المناسب لمقام التبليغ ذكر وصف الرسالة، سيما إذا كان التبليغ مهتما به في الغاية كالمقام، وبصيغة التفعيل دون الأفعال، لكمال الاهتمام ببلوغ المنزل إلى الأمة، فناسب التعبير