بصيغة التفعيل الدالة على اتصاف المحل بالمبدأ، دون صيغة الأفعال الدالة على مجرد إيصال المبدأ بالمحل، وبصيغة المجهول في " أنزل " تنبيها على أن الاهتمام التام الذي سيق له الآية إنما هو بشأن المنزل، مع قطع النظر عن الإسناد إلى الفاعل. ثم أتى عز وجل بقوله: " من ربك " تصريحا بأن إنزال هذا الأمر المهم إنما هو من طرف الرب تعالى، دفعا لتوهم الجهلة من الأمة.
ويستفاد من الآية الكريمة أن إنزال هذا الأمر المهم كان قبل نزولها، وأخر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تبليغه خوفا من استهزاء الجهلة منهم، وانتظارا لأن تأتيه العصمة من الله تعالى، وأكد الله تبليغه بهذه الآية، وأوعد رسوله صلى الله عليه وآله وسلم على ترك تبليغه وأعطاه العصمة من الناس.
وفي روايات أهل البيت عليهم السلام إنه كان نزول آية الولاية يوم عرفة فخشى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قومه وأهل النفاق والشقاق أن يتفرقوا ويرجعوا إلى الجاهلية فسأل جبرائيل أن يسأل ربه العصمة من الناس، وانتظر أن يأتيه جبرائيل بالعصمة من الناس من الله جل اسمه، فأخر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف، فأتاه بالولاية، ولم يأته العصمة، فأخر تبليغها حتى أتى " كراع الغميم " بين مكة والمدينة، فأتاه جبرائيل وأمره بالذي أتاه به من قبل الله، ولم يأته بالعصمة.
فقال: يا جبرائيل إني أخشى قومي أن يكذبوني، ولا يقبلوا قولي في علي عليه السلام فرحل، فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة أميال أتاه جبرائيل على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر، والانتهار، والعصمة من الناس، فقال: يا محمد إن الله تعالى يقرؤك السلام، ويقول لك: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك في - علي - وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ".