ولم يكن لهم معارضة مع الصلاة، والصوم، والحج، والجهاد، والخمس، والزكاة، وهكذا من الأحكام، نعم منعوا الخمس، لأجل الولاية أيضا، وكفى بذلك شاهدا قضية الحارث بن النعمان الفهري التي رواها الفريقان. (1) وملخصه لما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد علي عليه السلام فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه " فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ناقة له، حتى أتى إلى الأبطح، فنزل عن ناقته فأناخها، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والرسول في ملأ من أصحابه، فقال: يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله فقبلنا، وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلنا، وأمرتنا أن نصوم شهرا فقبلنا، وأمرتنا بالحج فقبلنا، ثم لم ترض لهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا وقلت:
" من كنت مولاه " فهذا شئ منك أم من الله عز وجل؟
فقال: " والذي لا إله إلا هو إن هذا من الله " فولى الحارث يريد راحلته، وهو يقول: " اللهم إن كان ما يقول محمد حقا، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم " فما وصل إليها حتى رماه الله تعالى بحجر فسقط على هامته، وخرج من دبره، فقتله، وأنزل الله عز وجل:
" سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافع " (2). (3) فتبين أن الذي أمر بتبليغه من الرب تعالى وخاف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من الناس في تبليغه، فوعده الله تعالى العصمة منهم، وأكد تبليغه غاية التأكيد