من يزيد من قبيح الأفعال لا يجوز بالأولى واللعن الطرد والإبعاد واصطلاحا يحتمل معنيين الأول البعد عن رحمة الله تعالى وهو مراد المص وهذا لا يجوز إلا في حق من قطع بموته على الكفر أو يئس من توبته كإبليس والثاني البعد عن مقام الأبرار ودرجات الأخيار وهو محمل ما ورد من لعن نحو الفاسق والظالم وآكل الربا المسلم ونحوهم كما سيأتي ويزيد هو ابن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عن أبيه وجده والمكثار مفعال وهو كثير اللغو في ما لا يعني قيل أراد بهم الروافض والمعتزلة والإغراء بكسر الهمزة والمد الإفساد والتحريض عليه وغال بالغين المعجمة اسم فاعل من الغلو وهو المبالغة في التعصب الإعراب يلعن مجزوم بلم ويزيد مفعوله وصرفه للضرورة وبعد موت في محل نصب حال من يزيد وحذف الضمير الرابط للضرورة أي حال كونه ميتا ولو ذكره ووقف عليه بالسكون لاستقام أيضا وقيل تنوينه عوض عن الضمير وسوى أداة استثناء مفرع في محل رفع فاعل لم يلعن مضاف إلى المكثار في الإغراء جار ومجرور إما متعلق بالمكثار وغال صفة لأنه في معنى النكرة أو بدل منه ومعمول غال محذوف دل عليه ما قبله أي غال في الإغراء وإما متعلق بغال قدم عليه وغال بدل من المكثار أو حال منه ووقف عليه بالسكون أي حال كونه غاليا في الإغراء (وحاصل معنى البيت) لم يلعن يزيدا ميتا وكذا حيا بالأولى إلا كل باغ مفتر كثير اللغو مخالف لأهل السنة والجماعة أو لما عليه الجمهور منهم فاحترز أيها العاقل عن شمته واكفف عن لعنه فإنك لست مكلفا بذلك ولا مسؤولا عنه في الآخرة وما قاله الروافض والخوارج وبعض المعتزلة وذهب إليه التفتازاني من جواز لعنه لرضاه بقتل الحسين واستبشاره به وإهانة أهل بيت النبوة وقوله: ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل وأن ذلك يؤذن بكفره إذ معناه أنه يتمنى لو وجد كفار قريش الذين قتلوا ببدر كأبي جهل فيروا إهانته لأهل المدينة وفعله ببيت النبوة فمردود فقد نقل في التمهيد أن يزيد لم يأمر بقتل الحسين رضي الله عنه وإنما أمرهم بطلب البيعة منه أو بأخذه وحمله إليه حيا فهم قتلوه من غير حكمه وكان ذلك من عبيد الله بن زياد حيث جيش عليه الجيوش من الكوفة فلاقوه في كربلا فقتلوه والقصة مذكورة في المطولات على أن الأمر بقتل الحسين بل نفس قتل غير الأنبياء مباشرة من غير استحلال لا يوجب جزاء اللعن على مقتضى أهل السنة إذ غاية الأمر أنه إذا لم يستحله يكون بذلك فاسقا لا كافرا ولا يجوز لعن الفاسق المؤمن بل ولا الكافر الحي بعينه لاحتمال موته مؤمنا ما لم يتحقق
(٨٦)