وإشراقه إلى الدماغ واختلف هل للكافر عقل فقيل لا يعطى الكافر لأنه ينافي الشرك بالله تعالى ولو كان له عقل لآمن وإنما يعطى الذهن واستدلوا بقوله تعالى وقالوا لو كنا نسمه أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير وهذا موافق لقول من قال إن العقل هو العلم والجمهور على أنه يعطاه وحملوا العقل في الآية على النافع إذا العقل إذا لم يفد فائدته ينزل منزلة العدم ولأن الشرك نوع من الجهل والجهل يجامع العقل ولأنه يلزم عدم خطابه وتكليفه بالإيمان وعرفوا الجهل بأنه معرفة للمعلوم على خلاف ما هو به وقيل انتفاء العلم بالمقصود وهو الأظهر لشموله قسميه: البسيط والمركب وأراد بالأسافل والأعالي الأرضين والسماوات وما فيهما وما بينهما وما سوى ذلك مما تسافل الإعراب ما بمعنى ليس عذر اسمها وذو بمعنى صاحب مجرور باللام مضاف إلى عقل في محل نصب خبر ما وبجهل متعلق بعذر والياء فيه سببية وبخلاق متعلق بجهل والأسافل مجرور بإضافة خلاق إليه والأعالي عطف عليه (وحاصل معنى البيت) أنه لا عذر للعاقل البالغ في جهله بخالقه مع ما يرى من وصول نعمته وعظيم قدرته من خلق السماوات والأرض وما في خلق نفسه وإنشائه من العدم وخلق هذا العالم وتكوينه وانتظامه قال تعالى أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت فإن في كل منها للمتأمل دلالة واضحة على وحدانية خالقها كما قيل: وفي كل شئ له آية تدل على أنه واحد،، وقال المحققون لم يبعث الله الرسل إلا للتوحيد لا لإثبات وجود الصانع كما يعشر به قوله تعالى قالت لهم رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض فالكفار كلهم لم يكونوا شاكين في وجود الصانع وإنما كفروا بالقول بتعدد الآلهة وقال الأشعرية لا عبرة للعقل بدون السمع حتى قالوا إن من اعتقد الشرك ولم تبلغه الدعوة فهو معذور وحاصله أن أهل القبلة كلهم اتفقوا على حرمة الكفر ووجوب الإيمان وإنما اختلفوا في أنه هل يكفي في وجود الإيمان العقل فقط أو لا بد من السمع فمن نشأ بعيدا من المسلمين ولم تبلغه الدعوة وهو بالغ عاقل هل يجب عليه المعرفة والإيمان بربه بدون تبليغ أم لا وإذا لم يؤمن هل يخلد في النار أم لا فيه خلاف بين أصحابنا الحنفية أيضا فعن بعضهم نعم وهو مروي عن الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه قال ولو لم يبعث الله رسولا لوجب على الخلق معرفته بعقولهم وقال أبو اليسر البزدوي لا يجب
(٩١)