وأخرج الطبراني من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا ما في السماوات موضع قدم ولا شبر ولا كف إلا وفيه ملك قائم أو راكع وللطبراني أيضا نحوه من حديث عائشة رضي الله عنها وذكر في ربيع الأبرار عن سعيد بن المسيب قال الملائكة ليسوا ذكورا ولا إناثا ولا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون ولا يتوالدون وأما ما وقع من قصة الأكل من الشجرة أنها شجرة الخلد يأكل منها الملائكة فليس بثابت وفي هذا وما ورد من القرآن رد على من أنكر وجود الملائكة من الملاحدة والأشبه ما قال الحليمي إنهم لا يكتب لهم عمل إذ الملك هو الذي يكتب فيحتاج كل ملك إلى آخر فيتسلسل ولا يحاسبون أيضا إذ لا سيئات لهم وسيأتي تفصيله وأما الإثابة فقيل يثابون برفع التكليف عنهم ويحتمل أن يكون لهم وراء رفع التكليف نعمة أعدها لهم ولا تبلغها عقولنا فإن الله تعالى يقول أعددت لعبادي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وذكر القرطبي في تفسير سورة القدر أن الروح طائفة من الملائكة جعلوا حفظة على غيرهم وقول المص رحمة الله كرام أي أعزاء على ربهم أو عن المعاصي فهو صفة للملائكة كما قيل ولا ينافي كون الرسل عليهم السلام مكرمين أيضا بل أكرم والأظهر أن يكون صفة لكل منهما وقوله بالنوال بالنون متعلق بالكرام الإعراب الواو عاطفة الجملة على الجملة التي قبلها وفرض لازم يصح أن يكون مبتدأ لوجود المسوغ وتصديق رسل خبره ويصح عكسه وهو الأنسب للمحل والأملاك بالجر عطف على رسل وكرام نعمت لهما أو للثاني ونعت الأول مقدر أي تصديق رسل كرام وتصديق أملاك كرام فيكون من قبيل الاحتباك والنوال متعلق بكرام أي مكرمين بإنعام الله تعالى عليهم بتلك المراتب (وحاصل معنى البيت) أنه يجب على الملك تصديق كل رسل فيما جاء به من عند الله ربه جل وعلا تصديقا بالغا حد الجزم والقطع بالقلب واللسان إذ تصديق البعض دون البعض تكذيب للجميع وهو كفر وقد قال تعالى في مقام الذم والتوبيخ على من أنكر البعض ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض لكن لا يجب العلم بهم تفصيلا وإن ورد في مسند أحمد أن عدة الأنبياء عليهم السلام مئة ألف وأربعة وعشرون ألفا والرسل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر بل نؤمن بهم كم كانوا لكن يجب العلم ببعضهم تفصيلا كآدم ومحمد عليهما السلام فإن الله تعالى أرسلهم إلى الخلق لهدايتهم إلى طريق الحق وتكميل معايشهم ومعادهم فضلا منه لا وجوبا عليه تعالى
(٥١)