القيامة وما خص به صلى الله عليه وسلم في ذاته وصفاته وأفعاله وأحواله وشريعته وأمته يكاد أن لا يحصى وقد جمع بعضهم في مؤلف على حدة لا يسعه هذا المختصر كانشقاق القمر ومجئ الشجر وتسبيح الحصى وكلام البهائم ونبع الماء بين أصابعه الشريفة والمعراج ورؤية ربه في الدنيا كما سيأتي وغير ذلك وكذا ما نقل من أوصاف حليته ولطف خلقته ومحاسن صورته ومكارم أخلاقه وجميل مكارمه وأفعاله وصفاته وهذه وأن يشاركه في بعضها غيره من الأنبياء عليهم السلام إلا أنه لم تجتمع جميعها في أحد قط لا قبله ولا بعده وقد روي أن أبا بكر رضي الله عنه كان كلما نظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صغره وتأمل في أوصافه يقول ما خلق هذا إلا لأمر عظيم فلما دعاه إلى الإسلام قال هذا الذي كنت أرجو منك حتى في اسمه عليه السلام كما قال مادحة بيت:
وشق له من اسمه كي يجله * فذو العرش محمود وهذا محمد وقرن اسمه باسمه في كلمة الشهادة: لا إله إلا الله محمد رسول الله ورفع ذكره بقوله تعالى ورفعنا لك ذكرك وكمال رفع ذكره استمراره إلى يوم القيامة وذلك ببقاء شريعته المؤيدة بالقرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه الدال على صدق دعواه فيما جاء به من عند الله المرشد إلى الإيمان في كل وقت وزمان فهو من أعظم خصائصه عليه السلام وأما من قبله من الأنبياء عليهم السلام فخصه الله من المعجزات بما يثبت به دعواه بحسب زمانه فإذا انقضى زمانه انقضت معجزاته كقلب العصى حية وإخراج اليد بيضاء في زمن موسى عليه السلام لأن الغلبة فيه كانت بالسحر فأتاهم بما هو فوق ذلك وفي زمن سليمان عليه السلام كانت بالملك فأتاهم بملك لم ينله غيره وفي زمن عيسى عليه السلام كانت بالطب فأتاهم بما هو أبهر منه أعني إحياء الموتى وفي حديث النجاري ما من نبي إلا أعطى ما بمثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله تعالى إلى وفي معناه قولان غير متنافيين يرجع حاصلهما إلى أن معجزات الأنبياء عليهم السلام انقرضت بانقراض أعصارهم مع كونها حسية تشاهد بالأبصار كعصاة وناقة صالح فلم يشاهدها إلا من حضرها ومعجزة تشاهد بالبصيرة فيشاهدها كل من جاء بعد الأول وإنما كان أكثر معجزات الأمم السابقة حسية لبلادتهم وأكثر معجزات هذه الأمة عقلية لفرط ذكائهم وشدة أفهامهم والله أعلم. قال الناظم رحمه الله: