لمن توقف في كيفيته والله أعلم بحقيقته وقال بعض المحققين والأصح أنه ميزان واحد لجميع الأمم ولجميع الأعمال، كفتاه كأطباق السماوات والأرض يوضع بين الجنة والنار وقيل لكل أمة ميزان وقيل لكل مكلف ميزان وقيل للمؤمن موازين بعدد خيراته وأنواع حسناته بدليل قوله تعالى ونضع الموازين القسط وأجاب الأولون بأن الجمع للتعظيم نحو ارحموني يا إله محمد واختلف في الموزون فقيل نفس الكتب وهو الذي ذهب إليه الجمهور من المفسرين وذهب البعض إلى أن الذي يوزن نفس الأعمال فتصور الأعمال الصالحة بصور نورانية كالجواهر فتطرح في كفة النور وهي اليمنى المعدة للحسنات فتثقل بفضل الله تعالى وتصور الأعمال السيئة بصور قبيحة ظلمانية فتطرح في كفة الظلمة وهي الشمال المعدة للسيئات فتخفف بعدل الله تعالى كما جاء به الحديث وذهب إلى أنه تعالى يخلق أجساما على عدد الأعمال من غير قلب لها كما جاء به الأثر أيضا والكافر كالمؤمن في وزن في وزن الأعمال عند جمع من المحققين لكن يؤتى بأعماله في أقبح صورة وقوله تعالى فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا أي نافعا أو قدرا فإن قيل إذا وزنت الأعمال فرجحت أو خففت ماذا يفعل بها بعد ذلك أجيب بما نقله بعض المحققين أن من سعد وضعت أعماله الصالحة على باب داره في الجنة يكون ذلك زيادة في السرور وإن كان خاسرا وضعت على بابه في النار وقيل تلقى معه في النار والمرور على الصراط حق وهو جسر ممدود على متن جهنم أدق من الشعر وأحد من السيف يعبره أهل الجنة وتزل به أقدام أهل النار وأنكره أكثر المعتزلة لأنه لا يمكن المرور عليه وإن أمكن فهو تعذيب للمؤمنين وتكليف بما لا يطاق والجواب أنه تعالى قادر على أن يمكن من المرور عليه ويسهله على المؤمنين حتى يجوزه كالبرق الخاطف كما أخبر به الصادق صلى الله عليه وسلم فنفيه معارضة للنصوص قال الله تعالى وإن منكم إلا واردها وورود المؤمن إنما يكون فوقها على الصراط وقال عليه السلام إن الله تعالى خلق للنار جسرا وهو الصراط طوله مسيرة ثلاثة آلاف سنة ألف صعود وألف هبوط وألف استواء، جبريل في أو له وميكائيل في وسطه يسألان الناس عن عمرهم فيما أفنوه وعن شبابهم فيما أبلوها وعن أعمالهم ماذا عملوا. وورد في بعض الآثار: إنه سبع قناطر أرق من الشعرة وأحد من السيف
(١٢٤)