من تأخير إجابة فيقول كم أدعو فلم يستجب لي فإنه سوء أدب مع الله تعالى وربما كان الخير في التأخير بمقتضى الحكم الإلهي وأن لا يدعو بدعاء مجهول أو ينقله عن مجهول ما لم يسئل عنه من أهل العلم ويأخذه من أستاذ مع الضبط والاتقان بقدر الإمكان وأن يحترز عما يعد إساءة في المخاطبات كجماع ونحوه وأن يعدو بأسماء الله الحسنى دون غيرها وإن كان حقا كخالق الخنازير قيل وأن لا يعلق بما هو شأنه تعالى كاللهم أفعل بي ما أنت أهله في الدنيا والآخرة وروي أن إبراهيم بن أدهم مر بسوق البصرة فاجتمع الناس عليه وقالوا يا أبا إسحاق ما لنا ندعو فلا يستجاب لنا قال لأن قلوبكم ماتت بعشرة أشياء الأول عرفتم الحق فلا تؤدوا حقه الثاني زعمتم إنكم تحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركتم سنته الثالث قرأتم القرآن فلم تعملوا به الرابع أكلتم نعم الله تعالى ولم تؤدوا شكر الله تعالى الخامس قلتم إن الشيطان عدونا ولم تخالفوه السادس قلتم إن الجنة حق ولم تعملوا لها السابع قلتم إن النار حق ولم تهربوا منها الثامن قلتم إن الموت حق ولم تعتدوا له التاسع انتبهتم من النوم فاشتغلتم بعيوب الناس ونسيتم عيوبكم العاشر دفنتم موتاكم ولم تعتبروا بهم ثم اعلم أن إجابة الدعاء ليست منحصرة بالإسفاف بالمطلوب بل هي حصول واحد من الثلاثة في قوله عليه الصلاة والسلام ما من داع يدعوا إلا كان بين ثلاثة إما أن يستجاب له وإما أن يدخر له يعني أفضل مما طلب وإما أن يكفر عنه من ذنبه،، وفي لفظ أو يدفع عنه من السوء مثله الإعراب للدعوات في محل رفع خبر مقدم وتأثير مبتدأ مؤخر وبليغ صفة تأثير والواو في وقد للحال على الأظهر وقد حرف تحقيق ولا يحسن أن تجعل للتقليل باعتبار القائل بنفيه كما لا يخفى وينفيه مضارع مرفوع بثبوت الياء والهاء في محل نصب مفعول راجع إلى التأثير وأصحاب بالرفع فاعل ينفي مضاف إلى الضلال (وحاصل معنى البيت) إن لدعوات المؤمنين تأثيرا بل يحصل فيه الرفق بليغا في صرف أثر القضاء المعلق على الدعاء لا القضاء المبرم وزعم المعتزلة نفي تأثيره مردود بالكتاب والسنة وإجماع الأمة كما تقدم تتمة اختلف المشايخ في أنه هل يجوز أن يقال يستجاب دعاء الكافر فمنعه الجمهور لقوله تعالى وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ولأنه لا يدعو الله تعالى لأنه غير عارف به لأنه وإن أقر به إلا أنه لما وصفه بما لا يليق به فقد نقض إقراره وما روي في الحديث من أن دعوة المظلوم وإن كان كافرا تستجاب محمول على كفران النعمة
(١١٥)