كما ربما يعطيه قوله: " ليمتزج " غير معتمد عليه، لعدم استلزام الدفعة الممازجة، ولعدم توقف الممازجة على الإلقاء الدفعي لحصولها بدونها أيضا، فلا بد حينئذ من التأمل في لزوم اعتبارها، وأنه من أين ثبت؟ وما المراد منها؟
فأقول: أما المراد منها فيحتمل أن يراد بها ما يقابل المرات كأن يلقى الكر في المطهر - بالفتح - أبعاضا كل مرة بعضا منه، ويحتمل أن يراد بها معناها المتعارف المقابل للتدريج، ويحتمل - بعيدا - أن يراد منها وقوع الكر تماما دفعة واحدة بمعنى أن لا يقطع الملقى للتطهير في أثنائه، ويكتفى بالبعض الواقع منه بعد استقرار ذلك البعض في المطهر - بالفتح -.
أما المعنى الأول: فلا شبهة في اعتباره، لأن أبعاض الكر - بعد انقطاعها منه - ماء قليل ينفعل بالملاقاة، وعلى القول بعدمه أيضا لا يفيد طهارة في المحل، لأن مطهر الماء بل مطلق المائع لم يجعل الماء القليل، فاعتبار الكرية في المطهر يغني عن اعتبار الدفعة بهذا المعنى، وكونه مأخوذا من الكر لا يصيره فردا ومصداقا منه كالمأخوذ من غيره.
وأما المعنى الثاني: فقد حكي عن جماعة اعتبارها من دون تصريح منهم لوجه الاعتبار. ويحتمل أن يكون وجهه لزوم الممازجة - كما هو ظاهر المتن - لترتبها عليها غالبا. وعليه فلا شك في اعتبارها لما تعرفه ان شاء الله من لزوم المزج، إلا أن فيه حينئذ ما أشرنا إليه من عدم توقف حصول المزج عليها، وحصوله مع التدريج أيضا.
مضافا إلى ما حكي عن جامع المقاصد من قوله بالدفعة مع عدم اعتباره الممازجة وإن حكي عن جماعة من معتبري المزج كالمحقق في الشرائع والعلامة في التذكرة والشهيد في الدروس قناعتهم بها، بل عن جمال المحققين في حاشية الروضة أن في صورة إلقاء الكر دفعة يتحقق الممازجة، وإنما الخلاف في اشتراط الممازجة فيما لم يلق دفعة، هذا.
ولكنك ترى أن في اقتصارهم على الدفعة عن الممازجة التي هي معتبرة