استحب لها نزح المقدر ". والخلاف في البئر بالحكم بنجاسته مطلقا - ولو كان فيها أكرار من الماء - بمجرد الملاقاة معروف من القدماء، والاجماعات المحكية عنهم تبلغ فوق حد الاستفاضة كأخبار هم.
وربما نسب التفصيل بين كريه مائها وقلته إلى البصري، وعن المنتقى حكايته عن جماعة، وجعله بعضهم لازم تفصيل العلامة في الجاري، وإن كان فيه ما فيه.
ولولا إعراض القوم عنه لكان هو أقرب إلى الاعتبار من الإطلاق بحسب المشي مع الدليل، لأخصية دليله عن أدلة عدم الانفعال. ولكنه ساقط عن درجة الاعتبار لذلك. فانحصر القول المعتبر حينئذ في الإطلاقين الطهارة مطلقا، والانفعال كذلك.
والأول هو الأقوى، لرجحان أخباره من وجوه عديدة، من صحة السند، وكثرة العدد، وقوة الدلالة بالنصوصية، والظهور المعتمد، والمخالفة للعامة مع موافقة طرف المقابل لهم، ومن الموافقة لعمومات طهارة الماء، هذا كله مع أنه لا تعارض بينهما - لو أنصف - لكي نحتاج إلى المرجح، فإن أدلة القول بالانفعال غير تامة في نفسها.
إذ الإجماع موهون بمخالفة من خالفهم من القدماء كما في الجواهر، وبإطباق المتأخرين على خلافه كما حكي دعواه عن العلامة في أكثر كتبه، وكل من تأخر عنه، وشيخه مفيد الدين محمد بن الجهم، والشيخ حسين بن عبد الله الغضائري، والعماني، والشيخ في التهذيبين، وبتردد المحقق فيه في شرائعه، هذا مع عدم تمامية مستندهم من أصله، لاعتمادهم في هذا الحكم على ما يظهر منهم على أخبار النزح الغير الممكن استفادة الوجوب منها - لو اغمض عن التعبدية، لابتلاء بعضها بمعارضة البعض الآخر منها، ولمخالفة ظواهر أكثرها للمجمع عليه من التقدير، أو من وجوب النزح لما هو طاهر قطعا. فلا بد من حملها على الاستحباب، فافهم (1).