لها أيضا، سواء أرجعته إلى الحكم الأول وهو الاعتصام، أو الثاني وهو حصول الطهارة بزوال التغيير. وجعله من أسباب ذهاب الريح أو اللون وطيب الطعم نظير لام العاقبة خلاف ظاهر الخبر، بل لا يناسب شأن الامام (عليه السلام) في مقام بيانه للأحكام، للغويته حينئذ فيكون من قسم توضيح الواضح، سيما مع ملاحظة أن مخاطبه أيضا عارف بذلك الترتب.
بل غير خفي على أحد أن ذوات المواد من المياه النابعة يزول تغييرها وتطيب بالنزح منها. وكذا لا يصح جعل الغاية غاية لتطهيرها بالنزح المزيل لتغييرها، فإنه لا يحتاج إلى أن يبين إمكانه هو (عليه السلام) بقوله: " فإن له مادة " لعدم ارتباط التعليل به إلا من باب الترتب العادي المشار اليه، وقد عرفت ما فيه.
وفي صحيح معاوية بن عمار: " لا يغسل الثوب ولا يعاد الصلاة مما يقع في البئر، إلا أن ينتن " (1) وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): " في البئر يقع فيها الميتة، فقال: إن كان لها ريح ينزح عشرون دلوا " (2). والتحديد بالعشرين لإزالة التغيير به في المعتاد والغالب صريح في حصر الانفعال بصورة التغيير وعدمه في غير تلك الصورة، كصراحة غيرها في الاعتصام وعدم الانفعال بنفس الملاقاة مثل صحيح علي بن جعفر (عليه السلام) عن أخيه (عليه السلام): " في بئر وقع فيها زنبيل من عذرة يابسة أو رطبة، فحكم (عليه السلام) بجواز الوضوء من مائها " (3). وصحيحة معاوية بن عمار: " فيمن توضأ وغسل ثيابه بماء بئر كان قد وقع فيها فارة وهو لا يعلم به، فحكم (عليه السلام) بأنه لا يغسل ثوبه ولا يعيد ما صلاه بذلك الثوب، وذلك الوضوء " (4).
وبمعناها موثقة أبان (5) ورواية جعفر بن بشير عن أبي عنبسة (6). وصحيحة