فلم يعلق على العبارة شيئا، وعليه فوجه الاحتياط حينئذ مدخلية ملاقاة النجاسة في هذا التغير ولو على وجه الإعداد.
وإن أراد من استناده إليه حصول نفس ذلك الوصف القاهر في الماء كما هو المستفاد من جواهره (قدس سره) فيكون احتياطه حينئذ في حصول وصف في الماء المتغير غير مماثل لوصف النجاسة القاهر من أجل اختلافهما شدة وضعفا، ويكون فتواه اعتبار حصول نفس الوصف القاهر في التنجيس، فممنوع اعتباره، لنداء الأخبار بأعلى صوتها على خلافه، كما في صحيح شهاب بن عبد ربه قال: " أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) أسأله فابتدأني فقال: إن شئت فاسأل يا شهاب وإن شئت أخبرناك بما جئت له، قال: قلت: أخبرنا جعلت فداك - وساق السائل إلى أن قال -: جئت تسألني عن الماء الراكد الغدير يكون فيه الجيفة، أتوضأ منه، أو لا؟ قلت: نعم، قال (عليه السلام): توضأ من الجانب الآخر، إلا أن يغلب على الماء الريح فينتن. وجئت تسأل عن الماء الراكد من البئر، قال: فما لم (1) يكن فيه تغير أو ريح غالبة، قلت:
فما التغير؟ قال: الصفرة، فتوضأ منه، وكل ما غلب عليه كثرة الماء فهو طاهر " (2).
فإن الصفرة ليست من ألوان الجيفة، وإنما هو لون حاصل من طول مكثها في الماء بتأثيرها فيه، وكذا بمكثها أزيد من هذا المقدار يحصل فيه لون الشقرة، ولا يزال ينكدر لونه بطول المكث حتى يضرب شقرته إلى الكدرة أو السواد.
ويقوى كفاية مطلق اللون الحاصل فيه إذا كان بتأثره من النجس، ويعد الوصف الحاصل من أوصافه، للأخبار التي أطلق فيها التغير بمعونة فهم اللون منها، كما ادعاه هو أيضا، وكذا الشيخ الأستاذ، وجعلوها ردا على من تأمل في كفاية التغير باللون في الانفعال، لعدم عثوره على خبر فيه ذكر اللون. واستشهدوا لحملهم هذا بذلك الصحيح المذكور، وإن اعتمد في رد هذا لمشكك الشيخ الأستاذ - طاب ثراه - على الأخبار المذكورة فيه اللون صريحا، كخبر الدعائم الوارد في