الملاقاة، بل المراد منها الصفة التي كائنة فيها بعد تلاقيهما، بل وقوع التأثير والتأثر من كل منهما في الآخر كالحناء مثلا فإنه قبل ملاقاته الماء يكون أخضر وبعد ملاقاته يكون أحمر، وليس هذا من ذهاب اللون وتبدله بآخر، بل هذا هو لونه في تلك الحال.
قلت: مع الغض عن أن ما تقول ليس بمسلم كلية، لصدق تبديل الصفة في بعض النجاسات عرفا قطعا، وقلنا: إن الكلية مسلمة ولو بوجه من التأويل والتسامح وساعدناك في إبائك من تغير وصف النجاسة بغير وصفها وفي إصرارك على أنه صفتها التي تكون لها في تلك الحال، فنقول: ما معنى قوله (قدس سره) في الجواهر تفريعا على عدم اعتبار خصوص صفة النجاسة: " وعليه فينجس لو حصل للماء لون باجتماع نجاسات متعددة لا يطابق لون أحدها - ثم قوله -: ولعل الأول - يعني اعتبار خصوص الوصف الخاص - هو الأقوى، استصحابا للطهارة مع الاقتصار على المتيقن ". انتهى.
فعلم أن مراده هنا حصول خصوص صفة النجاسة في الماء التي كانت لها قبل الملاقاة.
ولعمري أن هذا الاقتصار خلاف ما يفيده ظواهر الأخبار، أفترى أنه يمكن أن يقال: إن ما مثل به من المثال من ملاقاة الماء لنجاسات مجتمعة كبول مخلوط بعذرة فيها دم كثير مثلا، فتغير الماء بها بلون أصفر يضرب إلى الحمرة ليس مشمولا لأخبار الباب، ولا يصدق عليه أنه تغير بالنجس الذي لاقاه، أو أن دم الجيفة المخلوط بعذرتها وشئ من أحشائها العفنة النتنة إذا لاقى الماء فحصل منها فيه ريح لا تشبه ريح الميتة ولا ريح العذرة إلا أنها في غاية العفونة والنتانة، فهل يتأمل أحد في أنه من أظهر مصاديق الأخبار الواردة بانفعال الماء إذا تغير بملاقاة النجس، أو أنه يشك في أنها قهرت الماء وغلبت عليه؟!
فإذن الأقوى كفاية استناد حصول الصفة الحاصلة للماء إلى ملاقاته لتلك النجاسة والقناعة بأن يصدق عرفا - على وجه يعتني به عقلاؤهم - أن النجاسة