وذيها فعلا واحدا ويتحقق عندهم استعمالها في ذي المقدمة بتناول ما فيها، لأجل تحصيل المطلق كما في الأكل فإن صدقه من الآنية إنما هو بأخذ اللقمة منها للأكل، وليس الأكل من الآنية في العرف إلا بأخذ اللقمة مما فيها لأجل الأكل.
ومن هنا يختلف حال الأفعال لاختلاف العرف فيها، ولا ريب أن الوضوء من الآنية باغتراف ما فيها من الماء لأجل الوضوء أو بصب ما فيه في اليد، والمفروض حرمته، فإذا حرم الوضوء فسد، وهذا هو وجه ما حكي عن منظومة الطباطبائي وعن كشف الغطاء من الحكم بفساد الوضوء، لأن العرف يحكم بأن استعمال الآنية في الأكل هو ايجاد المضغ والازدراد عقيب أخذ ما فيها من المأكول والمشروب بآلية اليد وغيرها، وكذا ايجاد أفعال الطهارة بأخذ ما فيها من الماء بالية اليد وتعقب تلك الأفعال لهذا الأخذ، ويرون تحقق نفس الأكل والطهارة بأفعالهما الخاصة بتلك الكيفية، فإذا حرمت تلك الأفعال فسدت، للنهي.
وبهذا البيان ظهر وجه ما قواه الماتن - طاب ثراه - أيضا، لأنه يجعل الاستعمال المحرم للآنية هو الأخذ الذي هو مقدمة للوضوء، وقد ظهر لك أن حرمتها غير مضرة مع عدم الانحصار، هذا.
مضافا إلى أنه لو جعل المحرم في الأكل أيضا هو نفس أخذ الطعام من الآنية دون ما يتبعه من المضغ والازدراد كما يظهر من المصنف الميل اليه في جواهره لم يبق بعد وجه للقول بحرمة الوضوء وفساده لحرمة مقدمة وهو الأخذ، بل يمكن نفي الحرمة عن أفعال الطهارة وإن بني على حرمة المضغ والازدراد، لأن حرمة الأكل منصوص بالخصوص وقد تسلمها القوم أيضا.
فلذا لا بأس أن يقال بالحرمة فيه بالخصوص ويتبع فيه فهم العرف الاتحاد وعدهم الأخذ منها والوضع في الفم والمضغ والازدراد أمرا واحدا فيحكم فيه بالحرمة، لأنه معنى منع الأكل عن آنية الذهب والفضة ويسلك في غيره من وجوه الاستعمال إلى ما يقتضيه القاعدة من اختصاص الحرمة بأول ما يتحقق به طبيعة الاستعمال فيسلم الباقي عن الحرمة ولو على القول بكون المجموع فردا واحدا