وأما في صورة تساويهما من جميع الجهات بأصل الخلقة لا وجه له أبدا، لأنه حينئذ إما يجب غسلهما معا أصالة كما هو الأقوى، وأما يجب غسل إحداهما خاصة، لما سمعته منهم من تخصيصهم الغسل باليدين، ونفيه عن الزائدة عليهما، ووقوع الغسل عليها من باب الاحتياط.
ولا ريب في جواز الاكتفاء بالمسح بإحداهما حينئذ لا على التعيين على كل من القولين، أما على القول بوجوب غسلهما معا أصالة فلصدق المسح باليد المغسولة عضوا للوضوء، وأما على قول المكتفي بغسل إحداهما فلأن الواجب عنده هو غسل واحدة لا على التعيين زعما منه أن عضو اليدي للوضوء لا يزيد عن اثنتين وليس عنده زائدة وأصلية في تلك الصورة، بل لا بد أن يقول بالتخيير بينهما ابتداء، فيجوز المسح بذلك المغسول مع وحدته بلا شبهة، وباحداهما لا على التعيين لو غسلتا لأجل الاحتياط الناشئ من احتمال وجوب غسلهما معا، لما عرفت أنه لا يتعين الواجبة في إحداهما بالخصوص على فرض عدم وجوبهما معا، فيصدق على كل منهما أنه يد وضوء كما لا يخفى.
فوجوب المسح بهما معا منحصر بصورة الاشتباه العرضي عند القائل بوجوب غسل واحدة مع تخصيصه الواجب عند حصول التميز بالأصلية دون الزائدة، وإلا فلو خير بينهما في صورة التميز أيضا، لصدق اليد سقط المسح بهما معا رأسا.
قوله (قدس سره): (والأحوط إن لم يكن الأقوى وجوب غسل الشعر هنا مع البشرة) قد تقدم أن الأقوى وجوبه، لكونه من التوابع الواجبة الغسل كاللحم الزائد والإصبع الزائدة وأمثالهما مما هو كائن في المحل المغسول وجودا ومنبتا فيدخل في متعلق أمر أغسلوا أيديكم.
ونسب في الحدائق استظهار عدم وجوبه إلى بعض محققي المتأخرين، للأصل، لعدم كونه من الأجزاء الحقيقية وكونه من الفضلات.
وفيه أنه بحكم الجزء، لأنه من التوابع، وما أبعد ما بينه وبين كاشف الغطاء حيث حكم في كشفه بوجوب غسله أصالة بدلا عن البشرة المحاطة به، ومال إليه