المتقدم عن الفقيه (1)، لأن التوقي عن البول والحفظ عن نضحه لا يحصل إلا بترك الاستقبال، بل والاستدبار أيضا من رفع ثوبه عند التخلي كما هو المتعارف عند المتعارف من الناس، وعلمه (عليه السلام) لأبي حنيفة، وعليه ينزل رواية عبد الحميد، فعدم كراهة الاستدبار عندهم مخصوص بالبول وحده، إذ معه يحفظ نضحه باستدبار الريح واصطحاب الثوب للأرض كما هو المتعارف في البول الخالي، وبهذا يجمع بين الروايتين وتسلم رواية عبد الحميد عن الطرح، لعدم الافتاء بما فيها، وهو وجه حسن يساعده متفاهم العرف وملاحظة حكمة الكراهة.
قوله (قدس سره): (والبول في الأرض الصلبة)، لرواية ابن مسكان المتقدمة:
" انه (صلى الله عليه وآله) كان أشد الناس توقيا للبول " (2)، ولرواية السكوني: " من فقه الرجل أن يرتاد موضعا لبوله " (3). ويرتفع الكراهة بعلاجه بما يأمن معه من رد البول اليه.
قوله (قدس سره): (وفي ثقوب الحيوان) بلا خلاف يجده فيه كما في جواهره وما ينقل عن ظاهر النهاية من قوله: (لا يجوز) لا ينافيها، التداول لتعبير عن المكروه ب (لا يجوز) في لسان القدماء، والأصل فيه ما عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه: " نهى أن يبال في الجحر " (4) المؤيد بما رواه الجمهور عن عبد الله بن سرجين: " أنه (صلى الله عليه وآله) نهى أن يبال في الجحر " (5) المعتضد بما علله به بعض أصحابنا من أنه معرض للأذية كما يومئ اليه والى معروفيته في الصدر الأول قضية سعد بن عبادة، إذ بعد أن قتلوه وضعوا له سببا يطل به دمه وهو أنه بالشام أو في الطريق قالوا: بال في جحر فقتله الجن، فلقوه ميتا، وقالوا سمع الجن تقول:
قد قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة * فرميناه بسهمين فلم يخط فؤاده