الذي يظهر من كلام السيد فقد حكى الأستاذ عن المحقق أنه وجهه بأن من مذهبنا العمل بالبراءة الأصلية ما لم يثبت لناقل، وهنا لم يثبت. وعليه فعدم الاعتداد به واضح لا يحتاج إلى تكلف.
ولذا قال الأستاذ: ولولا هذا التوجيه لظننا موافقة بعض من تقدم عليهما لنا في هذه المسألة، واستظهار الإجماع على عدم الكفاية كما ادعاه صريحا في الجواهر معللا بمعلومية نسب المخالف وانقراض خلافهما. لا يخفى عليك أنه في غير محله.
ثم إنه حكى الأستاذ عن السيد في دفع ما اعترضه على نفسه من دعوى انصراف المطلقات إلى المعتاد وهو الغسل بالماء وجهان:
أولهما: أن تطهير الثوب ليس إلا إزالة النجاسة عنه، وقد زالت بغير الماء مشاهدة وبالعيان، والثوب لا يلحقه عبادة.
ثانيهما: استلزام تسليم الانصراف عدم جواز الإزالة بماء النفط والكبريت وقد جازت إجماعا، وسلم منه الأستاذ الانصراف فيهما وأجابه بالفرق بين الانصرافين وبأن شمول المطلق أو حكمه لبعض الأفراد النادرة لا يوجب التعدي إلى غيره منها.
وعندي أن الانصراف غير مسلم حتى البدوي منه الذي هو مرجع فرق الأستاذ بينهما، لأن ماء النفط عبارة عن المياه التي فيها معدن النفط والعين التي ينبع النفط منها من البحار والأنهار ومائهما من أفراد المطلق، بل من أوضحها وأشيعها وينتفع به جميع أقسام الانتفاع من الماء المطلق، وكذلك ماء الكبريت فإنها عبارة عن الماء الذي يوجد في بعض البلاد من العيون الحارة التي ينفع دخولها لدفع بعض الأمراض الصعبة المزمنة، ولا فرق بينها وبين سائر المياه المطلقة إلا في الحرارة وترتب تلك الخاصية عليها.
ولا ريب في عدم ايجابهما الانصراف قطعا، لما تشاهده أن أهل العرف لا يفرقون بينهما في سائر الآثار المرتبة على الماء المطلق بخلاف انصراف مطلقات الغسل والإزالة إلى كونها بالماء دون سائر المزيلات، لعدم الشبهة في كون غير