الابتلاء بطرفي الشبهة هو تنجز الواقع المعلوم إجمالا الموجب للزوم الاحتراز عن الطرفين مقدمة لتحصيل الواقع.
والعجب أن الشيخ الأستاذ - طاب ثراه - بعد ما جعلهما مخالفين للقاعدة وجعل جواز الاحتياط مع التنبه شاهدا على ذلك حملهما على التعبد، وهو مناف لحمله الإجماع الذي سلمه على العمل بهما على الإجماع على الحرمة التشريعية.
ولا يكاد يظفر انسان بوجه يأتلف به بين كلماته في ذلك المقام، فإن معنى تعبدية ما تضمنه الموثقان هو كونه تكليفيا بحتا، ولا يجتمع هذا مع حمل عمل المجمعين على العمل عليهما على الحرمة التشريعية، ثم لا يجتمع حملهما على التعبد مع رده - طاب ثراه - لقول حامل وجوب الإهراق على التعبد ومنعه.
بل دعوى البداهة على عدمه كما لا يجتمع التعبدية مع جعل الإهراق من باب مقدمة أن يتحقق عدم الماء فيصح التيمم، مع أن هذا المعنى في نفسه غير معقول، إذ لا يسع لأحد أن يأمر بإعدام الماء المجوز معه الوضوء مقدمة لتصحيح التكليف بالتيمم، فكيف إذا كان الآمر هو الامام؟! فلا يتعقل وجه لقوله - طاب ثراه - في الموثقين بالتعبدية، كما لا يعقل كون وجوب الاهراق من باب المقدمة.
هذا كله مع أن حمله النواهي لرفع الرخصة الحاصلة من الأوامر معناه تخصيص الأمر بغير مورد النهي فمورد النهي لا أمر فيه بالوضوء والغسل وإزالة الخبث، فلا يحتاج بطلانهما إلى تحقق التشريع المتوقف على القصد، بل بطلانها إنما هو لعدم الأمر، ولا يتفاوت الحال فيه بين حالتي التنبه والغفلة، فلا أرى وجها لحكمه - طاب ثراه - بالصحة في صورة الغفلة، فافهم ولا تغفل.
وتخيل أن المراد بالتعبد كون الوضوء بالماءين ممنوعا لا لعلة معقولة غير معقول بعد القول بعدم ممنوعية الوضوء بنفس النجس المعلوم، إذ لا يزيد المعلوم الإجمالي على المعلوم التفصيلي.
وحسبان أنه يمنعه هنا لكونه مستلزما لنجاسة البدن وهو محرم، وكل مورد يلزم من الإطاعة المعلومة المخالفة العلمية يرفع اليد عن الإطاعة ويقنع