ثراه - المطلب على المكاسب وقال: " المسألة مبتنية على أن الأصل حرمة الانتفاع بالنجس إلا ما خرج بالدليل، أو أن الأصل جواز الانتفاع إلا ما خرج ".
ثم في مكاسبه رجح الثاني بتنزيل أخباره - مثل خبر تحف العقول ونحوه - على النجاسات العينية دون المتنجسات الغير القابلة للتطهير، وبتنزيل الاجماعات التي لا تحصى كثرة على ما يقابل الخلاف المذكور في المسألة دون العموم وجعل العموم مورد فتوى مدعي الإجماع لا معقد الإجماع.
وهو - طاب ثراه - مع هذا الجهد الأكيد والسعي البليغ - شكر الله سعيه - لم أره - بنظري القاصر - وافيا لحق المسألة، لأن من راجع كتاب المكاسب من أوله إلى آخره وكذا ما كتبه علماؤنا الأخيار في مسألة المتنجس الذي لا يقبل التطهير يرى أن أصالة عدم الانتفاع به - إلا ما خرج - متسالم عليها عندهم. وبعض الانتفاعات التي ذكرها هو - طاب ثراه - في مكاسبه وفرض تجويزهم إياها يمكن أن يدعى أنه لعدم الاعتداد به عرفا ولعدم عدهم اياه استعمالا له بحيث تنصرف أدلة المنع عن استعمال النجس اليه، لأنه لندوره وعدم الاعتناء بشأنه بحكم العدم، ومن هذا القبيل ما ذكره - طاب ثراه - من التوضي بالنجس لاغيا لا بقصد ترتب الأثر، لا أنهم يجوزون بعض الاستعمالات، هذا.
مع ما ترى من أن مسألتنا هذه غير مبتنية على عموم المنع ثمة، لأن عمومه لتلك الانتفاعات التي سلمها في المكاسب كاف فيما نحن بصدده، لأنه - طاب ثراه - عد من أوضح موارد المنع الوضوء والغسل والغسل والأكل والشرب ونحوها من الانتفاعات المتعارفة المعتد بها عند العرف، حتى أنه - طاب ثراه - اعتذر عن الخبر المجوز لبيع المذكى المشتبه بالميتة بمستحلي الميتة بأنه يقصد بيع خصوص المذكى، أو هو مع ما لا تحله الحياة من الميتة، أو أنه ليس بيعا حقيقيا، بل إنما هو استنقاذ لما في يد الكافر، لكونه فيئا للمسلمين وتراهم في كتاب الأطعمة لا يجوزون أن يمكن الولي الصبي غير المميز من أكل النجس، وأمثاله في الفقه كثير كما هو غير خفي على الفقيه المتتبع.