أنه يغسله كله ثلاث مرات يفرق في كل مرة ويغسل ويعصر (1).
هذا كله مضافا إلى عدم دليل تام على الطهارة، لضعف ما ذكر لها عن النهوض باثباتها سندا ودلالة وابتلاء بالمعارض الأقوى الواجب معه في صورة مكافأة الدليلين الرجوع إلى عمومات الانفعال التي قلنا: إنها الأصل المرجوع إليها في الموارد المشكوكة من الماء القليل المتكافئ فيه دليلا الطهارة والنجاسة.
ومنه يعلم أنه لا مجرى للأصلين بالطهارة اللذين ذكرا من البراءة والطهارة سيما الأول، فإن الوجوب الشرطي مجرى للاحتياط لا البراءة، ولذا علق الأستاذ - طاب ثراه - بقوله: " وهو الأقوى " على قول الماتن: (لكن الاحتياط وعملي على التجنب).
ويضعف تمسكهم بقاعدة أن النجس لا يطهر بعدم دلالتها على مطلوبهم أبدا، إذ لا يستلزم نجاسة الغسالة عدم طهر المحل، فإنه كطهر المحل معلولان للورود والإصابة والملاقاة، فإن ايراد الماء على المحل النجس هو المطهر له وهو المنجس للماء، ولزوم إخراج الماء عنه - حينئذ - إما لأنه معتبر في مفهوم الغسل كما لا يبعد، فهو جزء لعلة الطهر، وهي إصابة الماء، أو لأنه محتمل لقذارة المحل فيجب إخراجه منه ليتخلص عن القذر، ولم يقل أحد بأن المطهر له هو الماء المتنجس المستقر فيه.
فالطهر في المقام لم يحصل عند القائلين بنجاسة الغسالة إلا بالماء الطاهر الذي أصاب المحل إصابة صدق معها الغسل الذي عليه في الأخبار ومعقد الإجماع رتب طهر المحل المغسول، فما انخرمت حينئذ قاعدة أن النجس لا يطهر، كما لم تنخرم قاعدة أن النجس منجس، وفي خصوص المقام على ما زعموا انخرامها - على القول بنجاسة الغسالة بملاحظة عدم تأثيرها في المحل - نجاسته. ووجه عدم الانخرام أن المحل بعد لم يطهر، حيث إن طهره موقوف بخروج الغسالة وانفصالها عنه لاحدى الجهتين اللتين ذكرناهما.