مضافا إلى ما ذكره الأستاذ من ظهور قوله: " لم يحمل " بمقتضى كونه جملة فعلية دالة على التجدد والحدوث في أنه لم يحدث فيه حمل الخبث لا أنه ينتفي عنه صفة الحاملية الموجودة فيه سابقا، واستشهد له بتعبير الخلاف في موضع من التهذيب والاستبصار عن قوله (عليه السلام): " إذا كان أكثر من راوية لم ينجسه شيء " بقوله: " لم يحمل خبثا " كتعبيره بذلك أيضا في مقام الاستدلال على عدم انفعال الماء الجاري بما دل على جواز البول فيه.
على أنه - لو سلم لها ظهور فيما يدعونه - تقع المعارضة بينها وبين ما دل على تنجس الماء القليل بالملاقاة الشامل لمتمم هذا الكر، وتخصيص عمومات الانفعال ليس بأولى من اطراح هذه الرواية عن العموم إما بحمل " لم يحمل " فيها على الحدوث وكما عرفت، أو بتقييد لفظ الماء فيها بالطاهر، بل يتعين التصرف فيها بملاحظة ما سبق اليه الإشارة من أن المستفاد من أخبار استثناء الكر أن الملاقاة مقتضية للتنجس، والكرية مانعة عنه، أو عدمه شرط في المقتضي.
وأياما كان يجب العمل بمقتضى عمومات الانفعال، لسبق الملاقاة في المقام على حصول الكرية، فالشرط محرز والمانع مفقود، مع أنها بتلك الملاحظة تكون أظهر من الرواية فتقدم عليها تقديما للأظهر على الظاهر، وتسليمهم الانفعال في المقام، ثم رفعه بنفس البلوغ كرا ربما يقال: إنه يعم كون ذلك من تعميمهم المتمم للمتنجس، بل نجسا أيضا كما استظهره منهم في الجواهر، من جهة عدم ذكر أحد منهم خصوص الطاهر.
وعليه يتوجه عليهم - حينئذ - أنه قول بحصول الطهر للماء النجس بأمر اعتباري انتزاعي، وستعرف ما فيه، ويتوجه عليهم أيضا أنه يعارضه ما دل على نجاسة ما يجتمع في الحمام من غسالة اليهود والنصارى وأولاد الزنا ومن هو شر منهم، المعتضد بسيرة المسلمين على الاجتناب عما اجتمع من المياه النجسة بالغا ما بلغت، فكيف لو عمم المتمم للأعيان النجسة المائعة؟!