بناء المقالة الفاطمية - السيد ابن طاووس - الصفحة ١٩٠
على أبيه أو على إمامه، ويكون هو بمعزل يهزأ بالفريقين، ولا يحن (1) بالطبيعة والدين إلى إحدى الطائفتين.
بيان هذه الجملة: أن أمير المؤمنين - عليه السلام - كان صاحب العلوم الغيبية، والمواهب الكشفية، حتى أنه حفر الآبار، وألقى فيها النار، وحفر غير ذلك وألقى فيها من يدعي ربوبيته، وفتق ما بين ذلك لينزلوه (2) عن درجات الإلهية فما وافقوا عليه، حيث بهرتهم غرائبه وعجائبه، وإلى الآن أمم لا ترجع عن هذه الدعوى.
وفي ذلك تنبيه على مكاشفاته لا فراساته التي تخطئ وتصيب، وتظفر وتخيب، ولولا أنا نخاف من السأم، وكون هذه الأوراق تخرج عن الحد الذي وضعت له، لذكرنا من ذلك تفاصيل لا يدفعها إلا مبغض شانئ غير خاف (3) على فهم السيرة النبوية والقواعد الإسلامية، أو معاند.
ومما ينبه حمله (4) على هذه الحال قوله غير مكتتم: " فوالله لا تسألوني عن فئة تضل مائة أو تهدي مائة إلا أنبأتكم بناعقها وسائقها ومناخ ركابها ومحط رحالها ومن يقتل من أهلها قتلا ويموت موتا " (5).

(١) ن: يحنو.
(٢) ن: ليزلوا به.
(٣) ن: جان.
(٤) ن: جملة.
(٥) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٢ / ١٧٤ (ط القاهرة) وفي ١ / ٢٠٨ من الكتاب المذكور:
روى ابن هلال الثقفي في كتاب الغارات عن زكريا بن يحيى العطار عن فضيل عن محمد بن علي قال: لما قال علي سلوني قبل أن تفقدوني فوالله لا تسألوني عن فئة تضل مائة وتهدي مائة إلا أنبأتكم بناعقتها وسائقتها، قام إليه رجل فقال أخبرني بما في رأسي ولحيتي من طاقة شعر فقال له علي عليه السلام والله لقد حدثني خليلي أن على كل طاقة شعر من رأسك ملكا يلعنك وأن على كل طاقة شعر من لحيتك شيطانا يغويك وأن في بيتك سخلا يقتل ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان ابنه قاتل الحسين عليه السلام يومئذ طفلا يحبو وهو سنان بن أنس النخعي.
وذكر القندوزي في ينابيع المودة: ٧٣ (ط اسلامبول) قال:
في المناقب عن الأعمش عن عبابة بن ربعي قال: كان علي رضي الله عنه كثيرا يقول: سلوني قبل أن تفقدوني فوالله ما من أرض مخصبة ولا مجدية ولا فئة تضل مائة أو تهدي مائة إلا وأنا أعلم قائدها وسائقها وناعقها إلى يوم القيامة.
وأما قوله عليه السلام سلوني قبل أن تفقدوني فقد رواه خلق كثير منهم الخوارزمي في مناقبه:
٤٦ و ٤٧ وتفسير ابن كثير: ٤ / ٢٣١ والرياض النضرة: ٢ / ١٩٨ وتاريخ الخلفاء: ١٧١ وتهذيب التهذيب: ٧ / ٣٣٨ ومناقب ابن المغازلي: ٤٣٠ وفتح الباري: ٨ / 485 وعمدة القارئ: 9 / 167 وحلية الأولياء: 1 / 68 وينابيع المودة: 274 والصواعق المحرقة: 76 وابن عساكر في ترجمة أمير المؤمنين: 3 / 30 والحديث أشهر من أن يحصيه متتبع حتى عد من خصوصيات أمير المؤمنين عليه السلام في أيامه.
قال سعيد بن المسيب: لم يكن أحد من الصحابة يقول سلوني إلا علي بن أبي طالب.
رواه أحمد بن حنبل في فضائله: 2 / 646.
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست