العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٢٨
وإنما قدموه وسموه صديقا على ما لم يزل يسمى به. وهذا أكثر من أن نأتى عليه في كتابنا ونستقصيه.
والعجب من الروافض حين ترى ما قال رشيد الهجري (1) والسيد الحميري، ومنصور النمري حجة في أشعارها إذا كان ذلك القول في علي بن أبي طالب. وإذا قال حسان بن ثابت، والعجاج، والحارث بن هشام، وأشباههم ممن ذكرنا في القدم والقدر، في أبى بكر وعثمان وعمر وتقديمهم، لم يكن حجة.
وفى قول عبد الله بن عباس لعائشة بعد الجمل في دار بنى خلف الخزاعي حين أرسله علي بن أبي طالب إليها: " لم تقولين إنه ليس في الأرض موضع أبغض إلى من موضع أنتم به. ونحن جعلنا أباك صديقا وجعلناك أم المؤمنين " حجة في أن تسميته بالصديق قد كان مستعملا في ذلك الدهر.
وإذا أحببت أن تعلم قدر هذا الاسم الذي سمى به النبي صلى الله عليه أبا بكر فانظر في كتاب الله. قال الله جل ثناؤه " واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا. ورفعناه مكانا عليا (2) " وقال: " واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا (3) " فذكر صديقيته (4) قبل أن يذكر نبوته.

(١) ذكره في لسان الميزان ٢: ٤٦٠ والأنساب 588، وكان ممن يؤمن بالرجعة.
وقد قطع زياد لسانه وصلبه على باب دار عمرو بن حريث.
(2) الآية 56، 57 من سورة مريم.
(3) الآية 54 من سورة مريم.
(4) في الأصل: " صديقه " وانظر الرياض النضرة 1: 21، 40.
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»