بناء المقالة الفاطمية - السيد ابن طاووس - الصفحة ٢١٠
كونه عيبة علم رسول الله - صلى الله عليه وآله - فلا تقع (1) منه مخالفة. وأما غيره من الأنبياء فلا نقول إنه نهي فخالف وأمر فجانب. فإن قيل: هذا منقوض بقصة أدم في قوله تعالى: * (ولقد عهدنا إلى آدم) * (2)... الآية وثبت نهيه عن الشجرة وإقدامه عليها (3).
قلت: قد ذكر المفسرون أن إبليس قد حلف على النصيحة، وكان آدم من تعظيم الله بالمقام الأمجد، وما توهم أن أحدا يحلف بالله كذبا فبنى على ما بنى.
فإن قيل: الإشكال موجود، إذ بنى على قول إبليس دون قول الله تعالى.
قلت: لعله توهم النسخ. فإن قيل: لو كان الأمر كذا، ما عوتب.
قلت: عوتب على بنائه على الوهم فإن قيل: الإشكال بحاله، إذ لو كان البناء على الوهم حسنا ما عوتبتم على ذلك. قلت: قد تقع المعاتبة على ترك الأولى، ويسمى فاعل المرجوح عاصيا.
وأورد (4) على جميع الأنبياء. بل على جميع البشر من المأمورين والمنهيين قوله تعالى: * (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا) * (5) الآية فإذا كان الله

(١) ج وق: ولا تقع.
(٢) طه: ١١٥.
تمام الآية: * (من قبل فنسي ولم نجد له عزما) *.
(٣) إشارة إلى قوله تعالى: * (ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين. فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ورى عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين. فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين) *. الأعراف: ١٩ - ٢٢.
(٤) العثمانية: ٩٢.
(٥) فاطر: ٤٥.
تتمها: * (ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا) *.
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست