و حاشيته (1)، و من الكتب التي صرحت بأنه لا ينجس إلا بتغير لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة كالنهاية (2) والإرشاد (3) والقواعد (4) والسرائر (5) ونهاية الإحكام (6) والجامع (7) واللمعة (8) والروضة (9)، لأن النجاسة يعم المتنجس في كلمات الأصحاب.
وأنت خبير: بأن كل هذه الاستظهارات وارد على خلاف التحقيق، فإن لفظ " النجاسة " أو " النجس " ليس مما ورد في أخبار الباب، ولا أنه اخذ بهذا العنوان الكلي عنوانا في أدلة المسألة، بل هو مفهوم كلي انتزعه الفقهاء عن الموارد الخاصة الواردة في الروايات والأعيان المخصوصة من النجاسات المعلق عليها الحكم في أخبار الباب، كالبول والدم والميتة والجيفة، بعد إسقاط الخصوصية وإلغاء الفارق بينها وبين سائر أنواع النجاسات، ولا ريب أن ما ينتزع عن شئ لا يراد منه عند الإطلاق إلا ما ينطبق على المنتزع عنه، وليس المتنجس من جملته؛ ضرورة عدم وروده في الروايات بهذا اللفظ، ولا أن فيها إشارة إليه، ولا أن شيئا من مصاديقه مذكور في أسئلتها ولا أجوبتها، حتى يقال: بأن ما ذكر من المفهوم الكلي منتزع عما يعمه والموارد الخاصة من أعيان النجاسة، ومعه كيف يجترأ على الفقهاء باستظهار كون مرادهم من النجاسة في عناوينهم المطلقة ما يعم الأمرين.
كيف ولو كانت قضية الاستظهار صادقة على النهج المذكور لزم كون القول بنجاسة الماء إذا تغير بالمتنجس مذهبا للمشهور، وهو كما ترى ينافي خلو كلامهم كافة عن التصريح بذكره عنوانا ومثالا، وكأن الحال في استظهار هذا القول أيضا من الشيخ والسيد من هذا القبيل، بل هو كذلك عند التحقيق؛ لقصور العبارة التي استظهر منها هذا القول عن إفادته والدلالة على اختياره، وهي - على ما حكي عنه - قوله: " ولا طريق إلى تطهير المضاف إلا بأن يختلط بما زاد على الكر من المياه الطاهرة المطلقة، ثم ينظر فيه فإن سلبه إطلاق اسم الماء وغير أحد أوصافه، إما لونه أو طعمه أو رائحته فلا يجوز