بملاحظة العرف يقضي بعدم اعتبار هذا الظاهر واعتبار ما يقضي بسببية الأوصاف وإناطة الحكم بها من غير دخل فيه للغلبة أو الكثرة في الماء أو النجاسة، مضافا إلى ما قيل: " إن اعتبار هذه الصفات لو كان لكشفها عن الغلبة " - كما ادعاه المستدل - لزم اعتبار غيرها من الصفات أيضا، لأنها في الكشف عن الغلبة مثلها، فعلم أن المدار على خصوصية الصفات المعتبرة فيثبت الحكم بثبوتها.
تنبيه:
قال في المدارك - بعد ما وافقنا في المسألة السابقة -: " لو خالفت النجاسة الجاري في الصفات لكن منع من ظهورها مانع، كما لو وقع في الماء المتغير بطاهر أحمر دم مثلا فينبغي القطع بنجاسته لتحقق التغير حقيقة، غاية الأمر أنه مستور عن الحس، ثم قال: وقد نبه على ذلك الشهيد (رحمه الله) في البيان. إنتهى " (1).
ومحكي عبارة البيان أنه قال: " إن الماء إذا كان مشتملا على ما يمنع من ظهور التغير فحينئذ يكفي التقدير، لأن التغير هنا تحقيقي، غاية الأمر أنه مستور عن الحس " (2).
وحكى نحوه عن المعالم (3)، وجامع المقاصد (4)، وعن المصابيح (5) أيضا، سيما فيما لو كانتا الصفة الثابتة في الماء أصلية، كما في المياه الزاجية و الكبريتية مدعيا فيها القطع بالتنجس، وفي الحدائق: " أنه ما قطع به متأخرو الأصحاب من غير خلاف معروف في الباب " (6).
ويظهر من إطلاق ثاني الشهيدين في الحكم بعدم اعتبار التقدير خلاف ذلك حيث قال: " والمعتبر من التغير الحسي لا التقديري " (7)، بل هو خيرة الرياض (8) حيث صرح بعدم الفرق في عدم اعتبار التقدير بين حصول المانع ظهور التغير وعدمه، كما إذا توافق الماء والنجاسة في الصفات وعليه كافة من عاصرناهم، وعن المحقق الخوانساري (9)