الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ١ - الصفحة ٢٥٩
شهرين في الصيام، ولا يجد ما يجده غيره من الأنام، من العتق في كفارة أو الاطعام، ثم يقال: لمن شدد في ذلك ولم ير أن صاحب الصيام في الفسحة عند الضرورة كذلك. ما تقول في رجل ظاهر من امرأته، وكان معسرا في ذات يده، لا يطيق أن يعتق رقبة لكفارة، ولا ينال اطعاما لشدة فاقته، ولا يستطيع أن يواصل بين شهرين لفوادح ما هو فيه من علته، وقد يطيق بالمشقة الشديدة أن يصوم شهرا واحدا، ولا يطيق أن يزيد عليه يوما فردا، وكان معروفا بشدة الأسقام، مبتلى بهجوم الفوادح منها بين الأنام؟
أتحرمون عليه امرأته أبدا إذا لم يطق غير ما به أتى؟ أم تقولون له كما قال له ربه العلي الأعلى: ﴿لا يكلف الله نفسا إلا وسعها﴾ (٥٠) وكما قال تعالى:
﴿لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها﴾ (٥١)؟ فإن قالوا بل نقول له ما قال الله:
ونطلق لذلك المبتلى ما أطلق الله، أصابوا في قولهم، واتبعوا الرشد من أمرهم، ورجعوا إلى ما به قلنا، وتكلموا في ذلك بما به تكلمنا، وإن قالوا: بل نقول لمن لم يجد إلى العتق والاطعام سبيلا، وكان في جسمه أبدا مبتلى عليلا، وقد يطيق أن يصوم شهرا ثم يفطر يوما أو يومين، عند تراكم سقمه وهجوم فادح علته، فإذا أفاق من هائل سقمه عاد إلى ما كان فيه من صومه، فيكمل ما أمر به من الشهرين، فإن قالوا: امرأتك عليك حرام أبدا حتى تأتي بما لا تستطيع، وتفعل من الأمور المستصعبة مالا تطيق، فقد خالوا في ذلك كتاب ربهم وشددوا فيما جاء مسهلا من عند خالقهم، لان الله سبحانه يقول: ﴿يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر﴾ (٥٢) ويقول: ﴿لا يكلف الله نفسا إلا وسعها﴾ (53) ويقول:

(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست